اشتكى النائب صالح إبراهيم من ارتفاع أسعار المأكولات بكافتريا البرلمان.. وطالب النائب بتدخل رئيس البرلمان في قضية البوفيه.. النائب مختار إبراهيم عزا غياب النواب بسبب ارتفاع تذكرة المواصلات العامة.. نواب آخرون احتجوا علي ضعف المرتبات وطلبوا إحاطة الرئيس البشير علمًا بالمسألة المستعجلة.. الدكتور عمر سليمان رئيس مجلس الولايات طلب من عامة الناس بمده بكشوفات المفسدين حتى يتمكن من محاسبتهم.. هذه شريحة مقطعية للنواب الذين سيناقشون الدستور الجديد.
لكن في كادوقلي تتضح الرؤية .. حامد ممتاز، أمين الاتصال التنظيمي، استبق المؤسسات وحدد الرئيس البشير كمرشح رئاسي في العام ٢٠٢٠.. في نبرة تحذير واضحة قال ممتاز لن نسمح بالتفلتات والحاضر يبلغ الغائب.. من جهة أخرى توافقت أحزاب الحوار المشاركة في الحكومة على إعادة تقديم البشير في الانتخابات القادمة.. لم يصدر سوى صوت بعيد وخافت من الحزب الاتحادي الديمقراطي يقول غير ذلك.. الأستاذ محمد سرالختم الناطق باسم الحزب أكد أن مؤسسات حزبه لم تجتمع بعد لمناقشة الأمر.
بات جليًّا أن الرئيس البشير سيكون مرشحًا رئاسيًا في العام ٢٠٢٠.. حسب صحيفة مصادر أن لجنة داخلية في الحزب الحاكم شرعت في إعداد التفاصيل الجديدة للدستور الدائم.. وزير الخارجية أكد لوفد مجلس العموم الزائر أن الدستور القادم سيكتب قريبًا.. السيد رئيس الجمهورية كان قد أثنى على الدستور الانتقالي الساري.. كل ذلك يعنى أن التعديلات ستكون طفيفة وتنتهي بإجازة دستور دائم يسمح للرئيس بدورتين من بعد الإجازة في استفتاء شعبي.. هذا يعني أن بمقدور الرئيس أن يستمر في السلطة حتى العام ٢٠٣٠.
قبل مدة قصيرة كنت أتبادل وجهات النظر مع أكاديمي بارز ومهتم بقضايا السلام حول المستقبل المنظور في السودان.. كانت وجهة نظر الرجل تتركز على أن الرئيس البشير سيحسم مسألة ترشيحه في ٢٠٢٠ إن كان يرغب في مواصلة المشوار .. كان الرجل يشير بأدب أكاديمي أن المؤسسات السياسية القائمة لا تملك أن تقول لا للسيد الرئيس.. لكن الرجل طرح سؤالًا يحتاج إجابة من أهل الاختصاص.. هل بإمكان الرئيس أن يقدم تنازلات مقابل إعادة تقديمه مرة أخرى.. وبما أن معظم الفاعلين داخل الحزب الحاكم وخارجه رفعوا الراية البيضاء لهذا ربما لا يضطر الرئيس لدفع ثمن التذكرة التي تنقله إلى فضاء العام ٢٠٣٠.
في تقديري.. أن هنالك ثمة تنازلات يمكن أن يضعها الرئيس على الطاولة.. من بينها تقليص صلاحيات منصب الرئيس.. لقد بات واضحًا أن الرئيس البشير يلعب دورًا محوريًا ومفصليًا وتفصيليًا في الحياة السياسية في السودان.. بعد تجربة ثلاثة عقود في الحكم لم يعد هنالك من يستطيع أن يقول لا للرئيس ولو من باب الهمس.. لهذا تقليص صلاحيات الرئيس يقوي من المؤسسات.. الجانب الثاني من التنازلات يكمن في إتاحة ما اصطلح عليه بديمقراطية مبارك .. الرئيس المصري الأسبق سمح بديمقراطية تسمح بانتقاد كل الكيان الحاكم باستثناء الريس والسيدة الأولى والابن المدلل .. هذه الديمقراطية أتاحت لحركة الإخوان المسلمين للمنافسة في انتخابات البرلمان المصري في عدد من الدورات.. كما أدت لازدهار الحياة السياسية وتقوية مؤسسات المجتمع المدني.
بصراحة.. مازال هنالك وقت يسمح بتقديم هذه التنازلات لو تنازلت الأحزاب من التنافس على قلب الرئيس.. فوز الرئيس بات مسألة وقت فنلزمه بقطع تذكرة ولو بالتقسيط المريح.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة