((صندوق التنمية السوداني وبنك التنمية السوداني آداتان هامتان لتمويل برامج سودان المستقبل))
مقدمة : لعبت صناديق وبنوك التنمية دورا مهما في إنهاض اقتصاديات المتخلفة او الخارجة من الحروب ، ويعتبر بنك KfW الألماني من النماذج المعتبرة في أوروبا حيث تم إنشاءه كجزء من مشروع مارشال لاعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية . وتوجد في الدول الأوربية صناديق وبنوك للتنمية قديمة مثل CDC الفرنسي و CDP الايطالي او حديثة مثل MFB المجري او صندوق التنمية البولندي PFR. اما على مستوى العالم الثالث فربما كانت صناديق الاستثمار الخليجية هي الأكثر شهرة ولكن من التجارب الناجحة هي التجربة الهندية والتي انشات عديدا من الصناديق والبنوك منها مثلا بنك التنمية الصناعية الهندي . في افريقيا كان بنك التنمية الافريقي الذي أنشأته الدول الأعضاء في منظمة الوحدة الافريقية ( الاتحاد الافريقي حاليا) تجربة رائدة وان كان تنقصه الكثير من إجراءات الحوكمة والمحاسبية في متابعة مشاريعه كما تنقصه الثقة الكافية به من بيوت الأموال العالمية .
الوضع الحالي لتمويل التنمية في السودان : لا يوجد في السودان حاليا صندوق قومي للتنمية او بنك قومي مخصص ومكرس للتنمية بصورة عامة، كما يوجد في العديد من الدول. لقد تم اهدار فرصة وموارد البترول التي تدفقت على البلاد في سنوات 1999-2010 وبلغت حوالي 100-120 مليار دولار ولم يتم تحويل اي منها لانشاء صندوق سيادي للتنمية. كما إن نظام الانقاذ وبعد حوالي 30 عاما من حكمه لم يستطع ان يبتدع الاساليب السليمة لتمويل التنمية في السودان . مع ذلك توجد بعض البنوك القطاعية العاملة في مجال التنمية مثل مصرف التنمية الصناعية وبنك الثروة الحيوانية ومصرف الادخار والتنمية الإجتماعية وبنك العمال الوطني وبنك تنمية الصادرات (بنك الغرب الإسلامي سابقا) ومصرف المزارع التجاري وبنك التنمية الاسلامي الخ . وهذه البنوك رغم بعض انجازات بعضها إلا أنها تعاني من مشاكل جمة جزء منها تتعلق بضعف تمويلها وصغر حجمها وهياكلها وبالتالي ضعف قدرتها على كسب التمويل من العالم وبعضها الآخر بمشاكل النظام المصرفي السوداني وطابعه الايدلوجي والجزء الآخير يتمثل في ممارسات الفساد والافساد السائدة في السودان وذهاب التمويل لغير مستحقيه وبدون ضمانات وبقرارات سياسية لمحسوبي الحزب الحاكم مما سبب العديد من المشاكل لبعض البنوك . هناك أيضا بعض الصناديق والمؤسسات التي تعني بتمويل التنمية ومن بينها مؤسسة التنمية الاجتماعية والصندوق القومي للمعاشات ومشروع الخريجين الخ . كما إن الكثير من المنظمات غير الحكومية قد شرعت في الدخول في تمويل التنمية وخصوصا التمويل الأصغر. هذه الصناديق والمؤسسات والمنظمات غير الحكومية تعاني من مشاكل جمة من بينها شح مصادر التمويل وعدم تغطيتها لكل السودان لمحدودية الموارد والهياكل وموسمية عمل بعضها وضعف حرفيته الخ من المشاكل الهيكلية.
صندوق التنمية لسودان المستقبل : ضمن برامج سودان المستقبل سيكون انشاء كل من صندوق التنمية السوداني كصندوق تمويلي سيادي وبنك التنمية السوداني كذراع مصرفي لتمويل اهم المشاريع التنموية ( البنية التحتية، الطاقة، الإسكان والتشييد، الدخل الأساسي المضمون ) من أولويات حكومة سودان المستقبل المالية. إن صندوق التنمية السوداني سيتم تكوينه من الاسكراتش وسيتم تمويله من جزء يتصاعد باستمرار من حصيلة عائد استخراج المعادن النفيسة والنادرة في السودان وكذلك من المسترد من الأموال السودانية الموهوبة ومن السندات الحكومية التي ستصدر وتطرح في السوق المحلي والعالمي. سيخصص جزء من إيرادات الصندوق للاستثمار القصير والمتوسط المدى ( عّن طريق تغذية بنك التنمية السوداني ) وجزء منها سيحفظ ويطور لمصلحة الأجيال القادمة.
بنك التنمية السوداني : من ناحية اخرى سيتكون بنك التنمية السوداني كمجمع او نتيجة دمج مختلف البنوك والمؤسسات العاملة في مجال التنمية في السودان واعادة هيكلتها على أسس جديدة وسيتم تمويله من جزء بسيط من موارد الدولة ( عبر صندوق التنمية السوداني ) بينما سيتم تمويل بقية رأسماله ووودائعه الجارية من سوق المال العالمي عبر المؤسسات المختلفة العاملة فيه ( المؤسسات الدولية ، بنوك التنمية العالمية ، المستثمرين الخاصين ، الشراكات التنموية الخ ) فضلا عن تمويل المشاريع الاستراتيجية الضخمة سيقوم بنك التنمية السوداني بتشجيع النشاط الخاص للقطاع الخاص السوداني وخصوصا لاصحاب الاعمال الصغيرة والمتوسطة عن طريق توفير قروض قليلة او منعدمة الفائدة لهم وكذلك عن طريق تشجيع ودعم البضائع المنتجة للتصدير وايضا عن طريق دعم البنوك التجارية المتخصصة التي تستهدف صغار ومتوسطي رجال الاعمال. كما سيقوم بنك التنمية السوداني بإعداد وإدراج برنامج الدخل الأساسي المضمون باعتباره احد البرامج الاساسية لمحاربة الفقر في حزمة برامج سودان المستقبل. سيتيح بنك التنمية السوداني ايضا استيعاب مدخرات السودانيين في دول المهجر ( الدياسبورا) وذلك عن طريق اتاحة محافظ ادخارية استثمارية وإمكانية فتح حسابات الكترونية من خارج السودان وتحويل الأموال بالعملات الصعبة او الإقليمية ( والتي سيتم صرفها بنفس العملة في السودان ضمن سياسة الدولرة التي تحدثنا عنها من قبل في إطار الحلول الراديكالية لقضايا العملة والنقد في السودان ) - هذه الأموال ستنعش الاقتصاد السوداني اذا دخلت لدائرة الانتاج وسيقوم البنك بصرف دعم مالي بنسبة معينة ( من ١٠ الى ٣٠٪) لكل مغترب يدخل امواله في مشاريع استثمارية إنتاجية في السودان.
قضايا التقنية : في سبيل تنفيذ مهمته سيعتمد كل من صندوق التنمية السوداني و بنك التنمية السوداني على افضل وأحدث الحلول التقنية في خدماتهما التمويلية و البنكية . في الوقت الحالي يدرس فريق سودان المستقبل مع مجموعة من المطورين من مؤسسة التبادل العادل العالمية والمتخصصين في المجال النقدي والبنكي استخدام نظام بنكي إلكتروني متطور تم استخدامه بنجاح من طرف ٢٠ مليون مستخدم لما يملكه من ميزات ومرونة وامان وكذلك لتكاليفه القليلة او شبه المنعدمة .
خاتمة : نتوقع ان يكون كل من صندوق التنمية السوداني وبنك التنمية السوداني نموذجان يحتذي بهما في افريقيت لأنهما سيستفيدان إيجابيا من كل تلك التجارب التنموية السابقة المحلية وكذلك التجارب العالمية الناجحة وسينشآن ضمن تصور تنموي كامل يهدف للتنمية البشرية قبل المادية ويستفيد من اخر منجزات التكنلوجيا الحديثة وتقنيات المعرفة وأدوات الهندسة المالية . حاليا هناك تصور عام لبنك التنمية السوداني قيد الإعداد ( باللغة الإنجليزية) وهو مطروح للتطوير والتداول مع الاقتصاديين والمتخصصين في عوالم التنمية والمال والتقنية بينما سنقوم في القريب العاجل بتقديم تصور متكامل عن صندوق التنمية السوداني كصندوق سيادي مكرس تماما لتمويل التنمية في السودان للجيل الحالي والاجيال القادمة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عادل عبد العاطي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست