(من خلى عادتو قلت سعادتو) أو كما قال المثل الشعبي الذائع الصيت فقد فاجأ السيد مبارك الفاضل المهدي الساحة السياسية باقتراح غريب يشبه تصريحه المدوي حول التطبيع مع إسرائيل ، طالب فيه بإلغاء انتخابات رئاسة الجمهورية المقرر إجراؤها عام 2020 على أن يقتصر الأمر على إجراء انتخابات برلمانية.
العجب العجاب أن مبارك الفاضل من الذين وقعوا على الوثيقة الوطنية للحوار وهو أحد أعضاء اللجنة التنسيقية العليا لمتابعة إنفاذ مخرجات الحوار بل أن الرجل جاء إلى منصبه الرفيع كنائب لرئيس الوزراء ووزير للاستثمار من منصة الحوار الوطني الذي التزم وتعهد جميع من شاركوا فيه بالعمل على إنفاذ مخرجاته بما في ذلك قيام الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عام 2020.
صدقوني أنني كلما قرأت مثل هذه التصريحات المثيرة من قياداتنا السياسية يغمرني تشاؤم وإحباط يكاد يتحول إلى يأس قاتل بأن السودان قد تودع منه أو أنه على الأقل لا يزال بعيداً جداً من أن يبلغ الرشد السياسي وينتقل إلى بر الأمان أسوة بدول أصغر منه عمراً لكنها تجاوزته بسنوات ضوئية في مضمار التطور والنهضة والحكم الراشد.
بربكم لماذا لا ينتابني هذا ال################ وأنا أرى رجلاً ترعرع في حلبات السياسة منذ نعومة أظفاره وخاض غمارها بالطول والعرض منذ شبابه الباكر وشاهد العالم أجمع وعرف أسرار وأسباب تقدمه وتخلفه ، يقول مثل هذه الكلام العجيب في تجاهل لمواثيق وتعهدات شارك في إبرامها والتزم بها على رؤوس الأشهاد وعلم أنه ما حدث الإجماع حولها إلا لأنها تمثل المخرج من أزمة السودان السياسية المتطاولة؟!
آسف لغلظتي على رجل جمعتني به كثير من الجلسات السياسية التي تبادلنا خلالها الأفكار والنقاشات الحارة والباردة وتخللتها كثير من التفاهمات والضحكات والقفشات.
ما فقع مرارتي وفرى كبدي أكثر أن اتحاد عمال السودان دخل على الخط في أمر لا ناقة له فيه ولا جمل ولا علاقة له به إلا إذا كان لراعي الضأن علاقة بتقنية الأقمار الصناعية.
فقد قام اتحاد عمال السودان الذي يفترض أنه جسم نقابي محايد يمثل كل العاملين بغض النظر عن أحزابهم وتوجهاتهم السياسية بحشر أنفه في شأن سياسي خلافي بل في أمر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وليس النقابية بل قال ، بدون أن يطرف له جفن : (لن نترك القضايا الوطنية للأحزاب والنخب السياسية) ثم طالب بتأجيل الانتخابات حتى عام 2025 .
يقول ذلك بالرغم من أن قانون الأحزاب يحرم عليه العمل السياسي ولكن لا تعجب في بلاد العجائب والغرائب إذ تجد الجميع مشغولين بالنوافل عن الفرائض بل بما دون النوافل أو بما لا يعنيهم في كثير أو قليل.
هاكم الدليل ..فقد صرح رئيس اتحاد عمال السودان المهندس يوسف عبدالكريم بأن (راتب العامل يعادل (22.5)% من كلفة المعيشة)!
بدلاً من أن يضغط اتحاد العمال من أجل تحقيق هدفه الأول المتمثل في زيادة الأجور وتحسين شروط خدمة العاملين الذين يتضورون جوعاً ويئنون تحت وطأة الفقر والمرض ينشغل بالانتخابات وينازع الأحزاب السياسية في المهمة التي ما انشئت إلا من أجلها في خرق فاضح لقانون الأحزاب الذي يقصر الممارسة السياسية على القوى السياسية.
لو كان مجلس شؤون الأحزاب مهتم بإنفاذ قانونه لرفع دعوى ضد اتحاد العمال أو على الأقل لأرسل إليه رسالة تحذيرية بان يلزم حدوده ويكف عن التدخل في ما لا يعنيه ولكن ماذا نفعل في بلاد تختلط أوراقها وحابلها بنابلها؟!
أقول لاتحاد عمال السودان إنكم بهذا تؤكدون اتهامات الأحزاب المعارضة بأنكم لا تمثلون إلا الحزب الحاكم ولا علاقة لكم بالعاملين الذين يخالفونكم سياسياً ممن تدفعونهم دفعاً للبحث عن اتحاد آخر يعبر عن رؤاهم ومطالبهم ومواقفهم السياسية.
نصيحة أوجهها للقوى السياسية أن تتقي الله في وطنها وتتسامى على حظوظ الأنفس الشح وتلتزم بالعهود والمواثيق وأن تعلم أن مخرجات الحوار هي السبيل للخروج من المأزق الذي تعيشه بلادنا ولا يليق بها ديناً وخلقاً ووطنية أن تحطم ما بنته بأيديها وتواثقت على إنفاذه.
الأستاذ الطيب كتب " أقول لاتحاد عمال السودان إنكم بهذا تؤكدون اتهامات الأحزاب المعارضة بأنكم لا تمثلون إلا الحزب الحاكم ولا علاقة لكم بالعاملين الذين يخالفونكم سياسياً "
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الطيب مصطفى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست