الساعة نحو الحادية عشر من مساء ١٥ مايو ١٩٧١.. جرس الهاتف يرن في منزل اللواء أحمد إسماعيل الذي كان مشغولاً بمتابعة حرب الرئيس السادات على مراكز القوى.. صاحب الدار كانت قد تمت إحالته للمعاش قبل عام ونصف.. لم تتمكن زوجة اللواء من الرد حينما علمت أن المتصل من مكتب الرئيس السادات وأنه يطلب أن يقابله اللواء فوراً.. قبل منتصف الليل تم تعيين اللواء أحمد إسماعيل مديراً للمخابرات العامة.. تولى الرجل كشف عورات مراكز القوى وتمكن من تثبيت السادات في السلطة حتى داهمته رصاصات الضابط خالد الاسلامبولي بعد عشر سنوات.
منذ أيام اشتعلت في الخرطوم حرب تصفية مراكز القوى.. رغم أن عنوان المواجهة مازال اقتصادياً إلا أن الفصل الثاني سيكون مختلفاً.. ليس في وسع المصنفين في الجانب الآخر إلا رفع رايات الاستسلام أو الاستعداد لدخول السجون والبقاء فيها حتى يستتب الأمر في العام ٢٠٢٠.. معظم المعتقلين الآن لهم صلات سياسية أو مهنية بمؤسسات الإنقاذ .. بل إن بعضهم ارتبط ثراؤه بسياسة التمكين التي كانت تستهدف صناعة طبقة رجال أعمال جديدة ذات ولاء كامل للمشروع الإنقاذي.
في أول حديث الدكتور فيصل حسن إبراهيم نائب الرئيس في الحزب الحاكم حرص الرجل على تحديد أجندته بوضوح.. فقد تحدث للانتباهة أنه ضد الشلليات ومراكز القوى.. العبارة تتسق مع ما يحدث الآن في الساحة الإنقاذية.. الحديث عن مراكز قوى حتى هذه اللحظة يقصد به مجموعة الدكتور نافع علي نافع وكل الذين ارتفعت أصواتهم قبل أيام في اجتماع هيئة الشورى.. مجموعة الشيخ علي عثمان وإن تحركت خارج الأسوار إلا أنها ليست المعنية بسبب أن خطابها متناغم مع من بيدهم الأمر.
أجندة الدكتور فيصل تحتوي أمرين عاجلين.. الأول تعديلات وشيكة في لوائح الحزب الحاكم ترفع الحرج عن إعادة تقديم الرئيس في الانتخابات.. وقد ألمح الفيصل إلى ذلك.. وتكتمل الرؤية بإعلانه أنه سيستجيب لنداء الأحزاب التي بايعت البشير قبل أن يبايعه حزبه الحاكم.. الأمر الثاني الملح هو إجراء تعديلات وزارية عاجلة جداً.. هنا يلج فيصل إلى ملفات الفريق بكري وهو النائب الثاني للرئيس المعني بالشؤون التنفيذية.. كما أن الفريق بكري هو أيضاً رئيس الوزراء المعني بتصحيح أوراق وزرائه.
في تقديري.. مطلوب من الدكتور فيصل حسن إبراهيم أن يتريث قليلاً.. الاندفاع في تنظيم الحزب الحاكم ستكون كلفته عالية.. كل الذين حدثتهم أنفسهم في منازعة الرئيس سيتراجعون .. فقط المطلوب توفير مخرج آمن يحفظ ماء وجههم.. العمل بقاعدة من ليس معنا فهو ضدنا ستضعف الحزب الحاكم.. التلويح بتغيير وزراء من خارج حصة الحزب الحاكم ليس فيه حصافة ويمكن أن يتم بهدوء.. حتى تغيير الوزارة قبل اكتمال عام يوحي بالتخبط وانعدام الرؤية وربما عدم الانصاف.
بصراحة.. مطلوب من الدكتور فيصل حسن إبراهيم ألا يتحمس ولا يتعجل في إثبات الولاء والقدرة على التغيير.. بين هذا وذاك تتم تصفية كثير من الحسابات الشخصية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة