*ثلاثة بكوا أمس لحال لغات ثلاثة.. *فالطيب مصطفى بكى لحال اللغة العربية في كليات الإعلام.. *وسبب بكائه سقوط خريجي هذه الكليات في امتحان القيد الصحفي...عن جدارة.. *فمن جملة (500) نجح (130) فقط.....وبالتيلة.. *وكان سقوطاً مدوياً في اللغة العربية...لغة الإعلام الذي درسوه.. *وعثمان ميرغني بكى لحال اللغة الإنجليزية لدى مسؤولي الحكومة.. *وتحديداً لدى محبي الأسفار- ونثرياتها- من (كبارهم).. *وسبب بكائه جلوس وفد حكومي في مؤتمر خارجي...دون أن يفهم شيئاً.. *أو بالأصح : جلوس أعضائه في البوفيه لأنهم لا يفهون شيئا.. *وذلك بعد أن وجد كل واحد منهم أنه (تور الله في برسيمه) داخل قاعة المؤتمر.. *ورجع الوفد نظيفاً كما ذهب....إلا من الذي في الجيوب.. *أي من الذي سافروا من أجله أصلاً...إلى جانب متعة السياحة بالطبع.. *وبكيت أنا لحال اللغة الفرنسية معي...أو حالي أنا معها.. *فبعد دراسة لها بالثانوي...والجامعة...وما بعد الجامعة...اكتشفت أنني لا أفهمها.. *أو بعبارة أدق: نسيت غالب مفرداتها وتصريفاتها وأدواتها.. *والسبب هو انتفاء مسببات إنعاشها في الذاكرة ؛ تحدثاً وقراءة ومعايشة.. *وآخر من خاطبته بها مصور إفريقي أيام (أجراس الحرية).. *ورأيت- من ثم- أن أجري عملية إنعاش عاجلة لما تبقى في ذاكرتي منها.. *أو لما تبقى في ما (بقي) من ذاكرتي نفسها.. *واستحضرت أحدث برنامج اختباري في لغة البلاط هذه - كما تُسمى- من النت.. *وكانت عملية أسهل منها محاولة إنعاش (شارون) من غيبوبته.. *وبعد جهد استمر لساعات ثلاث نجحت في الاختبار الأول...والثاني... والثالث.. *وبعد الرابع قيل لي: مبروك؛ يمكنك الآن المشاركة في الدردشة.. *دردشة في موقع إلكتروني- عالمي- خاص بدارسي الفرنسية.. *وكففت عن البكاء (المعنوي)...وتمنيت أنْ لو يكف الطيب وعثمان أيضاً.. *ولكني أظن أن بكاءهما- وبكاءنا جميعاً- سيطول أمده.. *بيد أن هنالك لغة غريبة تم تدرسينا لها في قاعات الفلسفة لن أبكي عليها أبداً.. *وهي اللغة اللاتينية القديمة...لغة سقراط وأفلاطون وأرسطو.. *ولا أدري الحكمة من تعليمنا هذه اللغة المنقرضة بما أنه لا فائدة منها اليوم.. *فما من متحدثين بها...ولا مراجع...ولا قواميس (حتى).. *وهي (جلطة) في منهج التعليم الجامعي المصري الخاص بدارسي الفلسفة.. *فكان من الطبيعي أن تسقط من الذاكرة...غير مأسوف عليها.. *ولكنا نتأسف- كل الأسف - على الذي أبكى الطيب وعثمان في كلمتيهما البارحة.. *على تدني مستوى اللغة العربية بين طلاب الجامعات.. *وتدني مستوى اللغة الإنجليزية بين (طلاب) المناصب...والأسفار... والنثريات.. *ثم لا (يبكون) أبداً...رغم الفضائح !!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة