|
|
 طارق فضل المولى وتحليله للعقلية النوبية
|
أتابع باهتمام كالآخرين ما يكتب من أراء وتعليقات ومداخلات ومساجلات في صفحات الانترنت بسودانايل وسودانيز اون لاين، واتابع باهتمام أكثر ما يكتبه الأخ طارق فضل المولى المقيم بالقاهرة، وآخرون في بلدان أخرى بالمهجر. ولما كان لجميع الكتاب الحق المطلق في ابداء أراءهم بالكيفية التي يرونها، رأيت من حقي على الأقل أن أعلق على بعض ما وردت من نقاط لم تروق لي في سياق ما جاء به طارق في مقاله الأخير من تحليل. لا شك أن طارق كاتب، يجيد تجميع الكلمات و توظيفه، الا أنني أعتقد في هذه المرة لم يحالفه التعبير أو الاستيعاب لفهم مرامي ما جاء به بيان الاستاذ/ منير شيخ الدين منير رئيس الحزب القومي الديمقراطي الجديد حول ندائه، بتكوين مجلس قومي لجبال النوبة والذي خاطب فيه عقول الحداثة ودعاة الفكر والتنمية والتطور، في عالم أصبح فيه التطورهاجس كل شخص و دولة.
قبل أن أبدأ يجب أن اسجل وبقناعة مطلقة، أن ما قدمه الأستاذ/منير من نداء لتكوين مجلس قومي لجبال النوبة بعد أن عدد بالمتابعة والتحليل، الأسباب والمعوقات التاريخية والاسهامات الغير ايجابية التي أقعدت بنهوض المنطقة وبالتالي أدت الى تخلفها عن سائر مناطق السودان، بالرغم ما لديها من ثروات وموارد لا تعد ولا تحصى، أنني أعتبر ما أعلنه من حرص في نداءه تلك هو أفضل واعقل ما كتب في التاريخ السياسي الحديث لمنطقة جبال النوبة ومن أبنائها، في ظل بيانات الاستئصال والاقصاء وتصريحات التشدد والتشنج ومحاولات احتكار الحقيقة والتفرد بنظرة أحادية كنظرة وحيدة معبرة لمستقبل جبال النوبة، وخاصة اذا فهمنا بأن نداءه لم يختصر على أبناء النوبة فقط (القاطنين في مناطق جبال النوبة المختلفة) بل تعداه لكي يشمل كل القوميين والحادبين على مصلحة السودان "جنوباً، شمالاً، شرقاً وغرباً" وذلك لما يمثله جبال النوبة من نموذج مصغر للسودان الكبير، ولما سيكون لهذا المجلس من حيادية وقدرة تحليل وتحديد لمشاكل الاقليم والتصدي لها، بنظرة قومية واعية بعيداً من الجهوية و العرقية، لما في داخل مناطق جبال النوبة من حساسيات غير مغفولة . فلذا أن قولك ما دار في كاودا هو في نفس السياق و يفرغ نداء الأستاذ/ منير شيخ الدين من محتواه، هو قول في غير محله وأعتبرها مقارنة مخلة بكل المقاييس، خاصة اذا قلنا ان ما حدث في كاودا كان لا يمثل الارادة الحقيقية لغالبية السكان في جبال النوبة، فهذا اذا لاحظنا أن غالبية النوبة لم تتم مشاركتهم في مؤتمر كاودا، كما لا أحد من أنحاء السودان في الاطار القومي.
نداء الأستاذ/ منير شيخ الدين، يذكرني ببرلمانات الدول المتحضرة، حيث هناك لجان تسمى ب all parties group وهي لجان تشخيص للمصلحة، تنضوي تحتها ممثلين لكل الأحزاب الموجودة في البرلمان بالاضافة الى الخبراء، وبالرغم من اختلافاتها الأيدولوجية والبرامجية ونظرتها، الا أنها لا تتخذ القرارات الا لصالح الشعب وبحسابات دقيقة خالية من العواطف وهي التي نسميها في الأدبيات السياسية بالمصلحة العامة. فأما حديثك عن اعلان الأستاذ/ منير شيخ الدين لهذا النداء بأنه تراجع في تفكير الرجل وخطه السياسي المعروف، أقول لك لا، ليس هناك أية تراجع، بل هو ترسيخ لمفاهيم خطه وتفكيره و نظرته لجبال النوبة والسودان على السواء والذي هو جزء من الكل وليس جزء من الجزء.
أقول للأخ طارق فضل المولى، ان الحديث عن التقدم والتطور، لا يمكن ان يأتي بجانب نداءات الانغلاق والانزواء والانعزال وان عالم اليوم هو عالم العولمة والانفتاح الذي بدأ فيه اختفاء الحدود وسيادة القيم، الانسانية والحضارية العالمية، وكما انتهى عصر الحديث عن العواطف في السياسة الذي علا في مقابلها صوت المصالح، وان من المصلحة أن ننظر الى الامور بانفتاح عقلي وموضوعي دون حساسية، كما ينظر اليه الأستاذ/منير شيخ الدين منير ولا غرابة في أن ينظر بعضنا الى نداءه بأنه نداء في جزيرة الشيطان لا يتلمس واقعاً كما لا يعالج قضية، نسبة لما أمضيناه من دهور في أسر التفكير التقليدي الذي كان ينبع من الجبال والى الجبال، دون أن نقتبس من تجارب وخبرات الشعوب التي سبقتنا بعراقتها التليدة في هذا المضمار.
أرجو يا أخي العزيز طارق أن تقرأ نداء الأستاذ/ منير شيخ الدين منير، رئيس الحزب القومي الديمقراطي الجديد، بتكوين مجلس لجبال النوبة للمرة الثانية والثالثة والرابعة بتمعن وحياد دون تحامل، وعندها ستجد أن المعاني التي يريد أن ينبهنا اليها هذا الرجل لعظيمة.
ولك مني ألف تحية وتقدير.
سليمان دراسي بريمة
الدلنج
جبال النوبة
جمهورية السودان
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست