لم تكن خطوة متوقعة أبداً.. انقطع الصوت أثناء مخاطبة الرئيس للحشود التي كانت تترقب ميلاد دولة جديدة.. قفز رياك مشار من مقعده لإصلاح الخطأ المتعمد.. في ذاك المناخ المعادي قال سلفا كير "سنسامح ولكن لن ننسى" وهنالك من صرخ وداعاً وسخ الخرطوم .. من هنا أيضاً كانت تصدر عبارات تعبر عن ذات المناخ العدائي حيث كان هنالك من يصرح "الحمد لله فقد ذهب الأذى".. تلك مرحلة مضت بخيرها وشرها. حينما زار الرئيس سلفاكير الخرطوم قبل أيام خرج على البروتوكول وانحنى للعلم السوداني في احترام.. لم تكن تلك الانحناءة الأولى من الشقيق سلفا فقد فعلها من قبل.. هنالك مؤشرات كثيرة أن جنوب السودان قد تجاوز مرحلة الكراهية المؤسسة على تاريخ طويل من الصراعات والحروب.. قبل أسابيع كان هنالك وفد سياسي وصحفي يزور جوبا.. وذلك للمشاركة في مؤتمر يعنى بنفط الجنوب.. شارك في المناسبة عدد كبير من المسؤولين الأفارقة والدبلوماسيين الأوروبيين.. غاب من المناسبة الجامعة أي مسؤول سوداني... رغم ذلك الغياب غير المبرر فقد حظي الوفد الإعلامي بحفاوة رسمية وشعبية. هنالك أصوات كثيرة في الخرطوم تعتقد أن هذا أفضل وقت لإكراه الجنوب لتقديم التنازلات.. لهذا يفضلون الضغط على جوبا في مثل هذا الوقت.. فيرفضون فتح المعابر أو تقديم أي عون لحكومة الجنوب.. بل إن هنالك من يعتقد أن حكومة سلفاكير ربما تسقط في هذه الأجواء العاصفة إن لم تقدم لها حكومة الخرطوم العون. في تقديري.. إن في هذا التوجه قصر نظر سياسي.. أي تنازلات في هذا المناخ ستبدو مثل عقود الإذعان تنتهي بتغير الظروف .. أسوأ ما في هذا الابتزاز السياسي أن يصعد من مشاعر الكراهية... ويعود بعلاقة البلدين إلى مربع الكراهية والتوتر.. لهذا من الأفضل النظر بأفق استراتيجي لهذه العلاقة.. تقديم العون للجنوب واجب إنساني وأخلاقي ويؤسس لعلاقة خالية من مظاهر الاحتقان. بصراحة.. علينا استغلال الرياح المواتية لندفع بالعلاقة بين البلدين إلى الأمام.. الخطوة الثانية أن يقوم الرئيس البشير بزيارة ودية لجوبا على رأس وفد فني ورياضي كبير للتأسيس لمرحلة جديدة.. ردوا التحية لسلفاكير بأحسن منها.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة