يعجب المرء من حزب كل أجهزته ومؤسساته ، مجالسه التشريعية ، مجالس شوراه ، وزاؤه ، مسؤوليه التنفيذين ، يكنون العداء للشعب الذي من المفترض أنه هو الذي أتي بهم إلي هذه المؤسسات ، فهذه المؤسسات والأجهزة والوزراء والمعتمدين وغيرهم من التنفيذيين ، لم يقفوا في صفه يوما من الأيام إذا أثقلت الحكومة عليه ( وهي دائماً كذلك ) ، وقصر جهازها التنفيذي في واجباته تجاهه ، سواءاً في تقديم الخدمات ، كما يتبدى في سلوك المحليات التي تتصاعد رسومها مع كل ميزانية جديدة ، ومطاردتها للباحثين عن أرزاقهم من أصحاب المهن الهامشية ، أو المحافظة على أسعار إحتياجاته الضرورية رغم ضعف دخول معظم أفراده التي تقول الإحصائيات أن نسبة من يعيشون تحت خط الفقر منهم تصل إلي حوالي 90 % . ولم يكتفوا بإعراضهم عن مكابدات الناس اليومية في الأسواق والمواصلات والمستشفيات ، بل نراهم يسلقون هذا الشعب الطيب بألسنة حداد ، فمنهم من قال لهم شحادين ، ومنهم من قال لهم قبل مجيئا لا يملك الواحد منكم غير قميص واحد ، ومنهم من قال أرجعوا للكسرة ( وهي أغلى من الخبز ) ومنهم من قال البرفع راسو بنقطعوا ليه ، ومنهم من طلب منهم مرارا وتكرارا أن يلحسوا كيعانهم ، ومنهم من قال لهم أكلوا الضفادع ( القعونج ) ومنهم من قال لماذا ندفع لأدوية مرضى السرطان وهم غاب قوسين من الموت ، وبلع الشعب الطيب كل تلك الشتائم والإهانات وإستمسك بالصبر إمتثالا لقول الله تعالى ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ) . ثم أبى وزير مالية حكومة الحوار الوطني التي تسمى بحكومة الوفاق إلا أن يشارك إخوته في الكيل لهؤلاء الناس الذين كأنهم لا تربطهم بهم صلة المواطنة ، فقدم ميزانية العام الجديد 2018 في ظل أزمة إقتصادية خانقة كان أول الغيث فيها رفع سعر الخبز ، لتصبح الرغيفة بجنيه ، وزيادة سعر الدولار الجمركي 100% ، فإلتهب السوق إلتهابا لم يعرف له مثيل ، وضج الناس وخرجوا إلي الشوارع يحتجون على هذا الغلاء الذي إجتاح السوق ، وأمتلأت وسائل الإعلام والصحف بالشكاوي وإشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي ، بالإحتجاجات على هذه الزيادات ومقاومتها ، وطالب أصحاب الأعمال والمستوردين بإعادة النظر في زيادة الدولار الجمركي ، خاصة وأن الدولار الذي يحرك السوق وصل سعره في السوق الموازي أكثر من ثلاثين جنيه . وجاءت الطامة الكبرى فكان أن وصل الإستفزاز مدى لم يتخيله أحد ، وهذه المرة ليس من الأفراد في الأجهزة التنفيذية أو التشريعية ، إنما من أحد المؤسسات التي من المفترض أن تكون حساسة تجاه أحوال المواطنين ، لأنه قمة المؤسسات الحزبية ، وأن من ينتمون إليه من أصحاب التجارب والحكمة ، لكن للأسف جاءت النتيجة مخيبة للأمال ، فما أوردته الصحف من توجيهات لمجلس الشورى الذي إنعقد في ظل هذه الأزمة والتي جاءت من خلال تصريحات نائب رئيس مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني عثمان كبر ، حيث جاء فيه أن شورى الوطني وجه بضرورة الإلتزام بالميزانية ، وزاد عليها كلاما يدخل في باب الأذى الجسيم ، وكان أفضل له السكوت . فقد نصح المجلس الموقر المواطنين بتغيير السلوك والبعد عن " الترف " يا سبحان الله ! تغيير السلوك مفهوم ، بدل ما تشتري عشرة أرغفة بعشرة جنيهات ، إشتري بخمسة جنيه والباقي تمو باسطة أو حتى تفاح ، أما حكاية البعد عن الترف دي فأول مرة نسمع بها ، طيب ماقلتو شحادين ومقطعين والصابونة بيتقاسموها كم واحد من أين يجيء الترف ؟ أظنكم أيها السادة تقصدون بهذا الكلام الجماعة الذين تعرفونهم أنتم ، وليس الناس الذين يأكلون وجبة واحدة في اليوم . يا سبحان الله !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة