*شاهدت فيلماً أجنبياً بعنوان (الحاسة السادسة).. *وبطلاه طفل يرى بحاسته هذه الأموات، وطبيب نفساني (ميت)... يعالجه.. *فالطبيب يظن أن الطفل مصاب بمرض نفسي.. *والطفل يظن أن الطبيب يظن نفسه (حياً)... كحال كثير من الموتى في البداية.. *أما في النهاية... فظن الطفل هو الذي يفوز على ظن طبيبه.. *وحين يدرك الطبيب أنه ميت- فعلاً- يغادر إلى حيث يغادر الأموات.. *ثم أغادر أنا إلى حيث يغادر (النوَّام)... ولا أعني برلماننا.. *وفي المنام أبصر قطعاً من اللحم النيئ... وهو في التفسير (الغيبي) الشعبي موت.. *ولكن في تفسيري (المنطقي) الخاص هو تعبير عن مرض.. *وبالفعل صحوت وطعم فمي (لحم - لحم)... جراء توعك في معدتي.. *فاستلقيت على فراشي وتناولت كتاباً بشكل عشوائي.. *فإذا هو (البقية في حياتي) لأنيس منصور... وقرأته من قبل.. *ولكن البقية هذه في حياته كانت بمقدار عشرين عاماً- وأكثر- منذ نشره الكتاب.. *بمعنى أنها لم تكن نعياً لنفسه... ولا كان في باله هذا الفهم.. *بينما بالي أنا صار يربط بين هذه المتواترات الغرائبية ربطاً يبعده عن (المنطق).. *وأسمع بعد نحو ساعة خبر وفاة (قريبتي) زكية محمد ساتي.. *فأتمالك (بطني) وأجرجرها- مع بقية جسمي- إلى حي المهندسين بأم درمان.. *وخلال بحثي عن أبنائها لاحظت أن هناك من يرمقني بدهشة.. *وأحد الرامقين هؤلاء - من أهلي- حاذاني ليهمس في أذني بكلام غريب.. *همس عبد المنعم ابن خالي حسن (قول بسم الله، أمبارح ما كنت هنا).. *أما ابن خالي محمد - معاوية - فيقسم إنني كنت (هنا).. *وأنا أقسم... وأجزم... وأحلف... أنني كنت (هناك)....... ولم أكن (هنا).. *طيب هل رأوا قريني؟... أم شبحي؟... أم (شبهي)؟.. *وصباح اليوم التالي تحتجب زاويتي في (الصيحة)... بسبب هذه الوفاة.. *وتحتل مكانها زاوية صديقي- الزميل العزيز- أحمد يوسف التاي.. *وتجئ كلمته تحت عنوان غريب- أيضاً - هو اسم كاتب هذه السطور... و(بس).. *وتحوي مقدمتها من الثناء ما يستحقه الكاتب... لا أنا.. *وفي خواتيمها نعي لشخصي بصيغة (ألا رحم الله الأستاذ عووضه).. *ثم استطراد في مزيد من ثناء أخجل تواضعي... وأنا حي.. *أو ربما كنت حياً مثل حياة ذلكم الطبيب النفساني الذي ظن نفسه عائشاً.. *ورغم توضيح الكاتب لطبيعة الرحمة إلا أن الكثيرين (تجهجهوا).. *وكان أول (المتجهجين) المدير التنفيذي للمدينة الرياضية الباشمهندس الأمين.. *فقد هاتفني منزعجاً (من الصبح) ليطمئن على أنني حي يُرزق.. *أما أنا فما زلت (متجهجاً) إلى الآن بسبب هذه الغرائبيات.. *وآخر هذه الغرائب أنني أتقبل العزاء في نفسي... عن نفسي... بنفسي.. *وأردد......... (حياتي الباقية !!!).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة