الكسل فرية ألصقت بنا نحن معشر السودانيين ولازمتنا تنميطا لشخصيتنا على الرغم من اننا نفيناها و نافحناها بكل وسيلة ولكن دون جدوى وبحكم اقامتي في دول الخليج فانني اسمع هذه الوسمة في مجالسهم ومجتمعاتهم بقولهم (ان السوداني عجاز) وهي أي كلمة عجاز مرادف كسول وكنت في أحيان كثيرة لا أرد عليهم أو أجادلهم فيما يعتقدون ،لان تغيير هذه القناعات صعب وليس يسيرا وأحيان أرد عليهم بسؤال بديهي هل تراني كذلك؟ ودائما ما تكون الإجابة لا انت غير و المشكلة ان هذا الغير موجود في كل شركة أومؤسسة فمن الكسول اذن؟ وما سأسرده في هذا المقال أزعم انه يصلح نموذجا للمجادلة ومقارعة الحجة بالحجة ودحض الشبهة حيث أثيرت هذه الشبهة في مجلس جمعني بهؤلاء القوم "وزي مابيقولوا كنت فاضي جدا قلت الليلة ح نوصلهم حدهم" وكان المتحدث ممن تظهر عليه علامات التدين ..... فقلت له هل تعلم ان ما تقوله هذا بهتان او على الأقل غيبة لشعب كامل سيكونون خصوما لك يوم القيامة وثم من اعطاكم الحق لتصفوا الشعب الفلاني بأنه كسول والآخر لص والثالث قواد !! الا تعلم انها غيبة ؟ ثم سألته هل تقصد كسل ( (mentally) يعني كسل عقلي او (physicaly) ام كسل جسدي وقد سألته بالانجليزية كده لغرض في نفسي وحكاية كسل عقلي دي قلتها لان كثيرين منهم يعتقدون ان سود البشرة ضعاف العقول وهو اعتقاد قديم عندهم ،ممن تطرق اليه الجاحظ في رسالته فضل السودان على البيضان حيث ذكر قولهم عن السود أنهم اسخياء (كرماء) لضعف في عقولهم وممن ذكر ذلك ابن خلدون في المقدمة اذ قال (قد رأينا من خلق السودان على العموم الخفة و الطيش و كثرة الطرب فتجدهم مولعين بالرقص على كل توقيع موصوفين بالحمق في كل قطر)، ومن طريف ما حدث لي مع احدهم جمعتني به علاقة عمل ذكر انه شاهد برنامج مسابقات في فضائية السودان كان معظم المشاركين فيه طالبات الجامعات وكانت أسئلة المسابقة تتطلب إجابات طويلة فالرجل ابدى استغرابه من حفظ هؤلاء الفتيات الإجابة قال لي الغريبة الواحدة تطالع فيها تقول ماتدري عن شيء ؟!!! يعني الشكل عندهم ينم عن الفهم والعقل فنرجع لصاحبنا قلت له ان كان كسلنا جسديا فافضل لاعب كرة قدم والرياضي الأول في بلادكم ماجد عبدالله سوداني وان ميدالية اولمبية نالتها دولة قطر في الوثب حققها فتى سوداني يسمى برشم ونال العديد من العداء السودانيين ميداليات وجوائز مثل العداء ابوبكر كاكي واسماعيل محرز الميدالية الاولمبية الوحيدة للسودان .. ولو كان كسلنا عقليا فهل تعلم ان عدد الأطباء السودانيين في بريطانيا وايرلندا مايزيد عن الستة ألف طبيب(قدتكون احصائية غير دقيقة ) وان جامعاتكم هنا تزخر بالأساتذة والدكاترة السودانيين فقل لي بربك هل نحن كسالى ؟؟؟ ثم انظر الى من يحترفون مهنة الرعي في المملكة والخليج اليس هم السودانيون وهي مهنة شاقة لا يطيقها رجل كسول وهل تعلم ان الراعي عندنا يجيء مع سعيته قاطعا ما يقارب الالف كيلومتر راجلا حتى يصل بها الى أمدرمان قل لي بربك هل هذا رجل كسول ؟ ثم اشرت الى دراسة علمية كانت قد نشرت عن اكثر الدول كسلا في العالم خلت القائمة من السودان وتصدرتها ثلاث دول خليجية فأسقط في يده وبهت مما ساهم في طبع هذه الصورة في اذهان الوطن العربي شخصية البواب (النوبي عصمان) الذي تصوره الأفلام والدراما المصرية دائما في وظيفة حارس العمارة "جالس لا شغل ولا مشغلة " يحرس الأبواب ويأكل الطعام ولا يمشي في الأسواق وربما نقلت هذه الصورة السالبة الخليج بسبب المنافسة على الوظائف من رصفائهم السودانيين.. وللأسف تابعتها في ذلك بعض برامج الدراما الخليجية مثل مسلسل طاش ما طاش وقد تابعنا ردة فعل السودانيين على برنامج كويتي اظهر السوداني بشخصية الرجل الكسول المنبطح على سريريه وقد آتت هذه الحملة أكلها واثمرت عن اعتذراهم واعتذار الكويتيين عن إشانة السمعة مما يعني اننا بالعمل الجاد والتتبع سنقضي على هذه الفرية وأننا نستطيع بعمل جماعي وعلمي ان نحسن من صورتنا ودحض مثل هذه الفرى والشبهات ومثل هذا العمل لينجح يفضل ان يكون خارج الاطر الحكومية وتكون هناك اشبه بالجمعية التي تنافح عن الذات السودانية تتابع كل ما ينشر وترد وتلاحق قانونيا ان تتطلب الامر كذلك أخيرا ما مناسبة هذا المقال ؟ حصلت قطر لأول مرة على كأس الأمم الاسيوية أمس الجمعة الثاني من فبراير من عام 2019 بمنتخب شاب نصف قوامه من أبناء السودان الاشاوس وحصل اللاعب السوداني الأصل المعز علي على لقب افضل لاعب في البطولة محرزا 9 اهداف ، وفي هذا الحدث عدة دلائل ان بلادنا ولّادة وواعدة وان شبابنا اذا وجدوا الرعاية انجزوا وبرزوا ولا شك ان قطاع الشباب مثله مثل قطاعات المجتمع الاخرى لحقه ما لحق البلاد من سوء الادارة والفساد وعدم التخطيط والتنظيم الناتج من نظام حكم الحزب الواحد .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة