قبل أسابيع من هذا التأريخ، عاد الخّوانجِي الدارفوري الأمين العام للمؤتمر الشعبي علي الحاج إلى السودان قادما من المانيا التي كان قد ذهب إليها العام الماضي بغرض اقناع قادة حركات دارفور المسلحة بضرورة وضع السلاح والإنضمام للحوار الداخلي الذي اطلق عليه "وثبة البشير". وأثناء تواجده في المانيا التقى علي الحاج برئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، وبرئيس حركة جيش تحرير السودان مني اركو مناوي، أما ياسر عرمان الأمين العام السابق للحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال مؤسس حركة "مالك عرمان" الاسفيرية فقد التقى به سراً. بعد لقاءه بالأشخاص الثلاثة، كان قد صرح علي الحاج، بأنهم اتفقوا على مواصلة اللقاءات والمشاورات حول الإنضمام "للحوار الوطني" من أجل احلال السلام في السودان وهو الشئ الذي لم ينفيه من التقوا به. الآن وبعد عودته إلى السودان، ولدى لقاءه بعضوية حزبه بمحلية أم درمان، بحسب آخر لحظة الصادرة يوم الأحد 25 مارس 2018م، قال علي الحاج ان بعض المتمردين الذين التقى بهم بالخارج لديهم بعض المطالب لخوض الانتخابات المقبلة في عام 2020م، مؤكداً أن الحركة الشعبية جناح الشمال طرحت وقف إطلاق النار لعامين، وطالب الحكومة بوقف إطلاق نار دائم. فيما يتعلق بكلام الخّوانجي علي الحاج عن الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال وطلبها وقفا لإطلاق النار لعامين، يبدو أنه كلام للمنتحل والمزوراتي ياسر عرمان الذي التقى به سرا في المانيا، لأن الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال لم تلتقي به أبداً.. إذ من هو علي الحاج أصلاً حتى تلتقي به الحركة الشعبية؟ موقف الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال من نظام الإبادة الجماعية، واضح جدا منذ البداية ولا يحتاج للتزوير والتزييف، وهي -أي الحركة في سبيل نضالها من أجل تحقيق العيش الكريم للمواطنين والذود عن المسحوقين وعن المغلوب على أمرهم، لا يمكنها أن تتنازل عن شعار اسقاط النظام وهيكلة الدولة السودانية بشعار آخر يهادن فيه النظام ويطلب محاورته ومفاوضته، وكلام علي الحاج عن رغبة بعض المتمردين في العودة إنما هو كلام مالك عرمان. ياسر عرمان ترك الحركة الشعبية لتحرير السودان -شمال بعد اقالته من الأمانة العامة بقرارات مجلس التحرير الإقليمي بإرادته، ليقوم بعد ذلك ومعه مالك عقار بتأسيس تنظيم اسفيري لا وجود له في أرض الواقع بإسم حركة (مالك عرمان)، وبالتالي لا يحق لأي منهما التحدث في أمور الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال وإلآ أعتبر الأمر تزويرا يستوجب الملاحقة السياسية. كان حريا بالخّوانجي علي الحاج وهو يتحدث عن لقاءاته ببعض المتمردين ان يذكر اسم ياسر عرمان صراحةً دون لف ودوران وما دار بينه في المانيا بدلاً من اقحام اسم الحركة الشعبية التي لا تقابل ولا تلتقي بالإسلاميين مهما اظهروا اعتدالا في سلوكهم الديني -لأن الإسلاميين بمختلف تنوعاتهم واشكالهم والوانهم لا فرق بينهم، وهم في النهاية يتحدثون عن ان الإسلام هو الحل، بينما الحركة تتحدث عن دولة علمانية ديمقراطية. الخّوانجي علي الحاج لم يفصح عن المطالب التي قدمها له الذين قابلوه للعودة إلى الخرطوم ومشاركة نظام القتل والإبادة انتكاسته ومهزلته في 2020م، لكن نستطيع القول ان المخلوع مالك عقار وصحبه عرمان كان قد حثا في وقت سابق من هذا العام المعارضة السودانية الإستعداد لخوض انتخابات عمر البشير في عام 2020م.. فهل طلب العفو الرئاسي من "لرئيس السوداني المشير عمر حسن أحمد البشير" واحد من المطالب، سيما والسيدان/ياسر عرمان ومالك عقار محكوم عليهما بالإعدام من احدى محاكم البشير بتهمة "الخيانة والتمرد" بعد قيام الحرب الثانية في 2011م؟ إن التقلب في المواقف وبيع المبادئ تحت شعارات كاذبة كــ(مفروض نجرب وسائل أخرى)، أصبح ظاهرة تتسم بها الحياة السياسية في ظل نظام عمر البشير الجاثم على صدر عباد الله في لأكثر من ربع قرن، في الوقت الذي أصبح فيه القابضين على جمر المبادئ قلة منزوية أو معزولة، فعليه ليس غريبا على من يؤسسون مواقفهم على قاعدة النفاق والكذب والدس الرخيص لكسب منافع آنية ودنيئة أن يتقدموا بالمطالب التي تحدث عنها علي الحاج لدى مخاطبة عضوية حزبه يوم الأحد للعودة الى الخرطوم ومشاركة النظام مهازله!. المشكلة في أصلها وتأصيلها هي مشكلة أخلاقية عند هؤلاء الذين التقى بهم على الحاج في المانيا بإسم السلام في السودان والمشاركة في الحوار الوطني المزعوم، لكنهم بكل غباء يعتقدون انهم أذكياء وشطار حينما يستخفون بعقول الناس ويحاولون التلاعب بالقول وتسطير الكلام من قبيل عندنا "مطالب عشان نجي نشارك في انتخابات 2020م"، والكل يعرف ان الغرض من هذا التسطير الكلامي وتركيب الكلمات ولو على نحو خطأ، هو تحقيقا لغاية مصلحية للقفز على المبادئ والقيم. من يريد العودة الى الخرطوم، فليعد، لأن الحكاية أصلا لا تحتاج لكل هذا الكم من الأكاذيب والمغالطات السياسية واللعب بالألفاظ ، فقد عاد كثيرين من أهل المعارضة الى الداخل بهدوء دون ضوضاء.. فلماذا لا يفعل ناس مالك عرمان الشئ نفسه؟ النضال ليس عملية موسمية كما يعتقد بعض المتحذلقين المرجفين، إنما غاية منبعها الوعي والأخلاق والحس الجماهيري، ينمو مع الشخص ويلازمه طالما هو حي، في الحل والترحال، وعليه يجب مواصلته ورص الصفوف وتوحيد للقوى المسلحة والتقدمية الحرة في جبهة شعبية عريضة يكون بإمكانها التصدي لاستحقاقات الواقع المأفون، وانطلاقة جادة لإقتلاع النظام من جذوره لا محاورته أو مفاوضته.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالغني بريش فيوف
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست