مواقع التواصل الإجتماعي رغم ما فيها من إيجابيات كثيرة ، وتأثيرات إستراتيجية في تحريك عجلة التوعية الجماعية في مجالات عُدة كالسياسة والإقتصاد والصحة العامة وغيرها ، إلا أنها تعُج أيضاً بالغث الوضيع من الكتابات والأفكار ، أكثر ما يغيظني ويزيدني وجعاً في هذا المجال كتابات تنشط إبان الأزمات السياسية والإجتماعية هي في الأغلب موَّجهة من جهات مُنَّظمة وذات طابع مؤسسي هدفها الأساسي إثارة الزعزعة بين الناس إذا ما إشتد الإحتقان وبانت في الآفق مؤشرات ثورة المواطن السوداني البسيط لإقتلاع حقوقه المسلوبة في عهد الجور والفساد الذي تمت صناعته وحمايته في دهاليز التخطيط الإستراتيجي للمؤتمر الوطني والذي لا هدف له أسمى من البقاء (الأبدي) في السلطة لمزيد من التمرُغ في خيرات هذا الوطن المعطاء ، فهم يُعانون من رُهاب الثورة والإحتجاج ، ويخافون حد الإرتجاف من زوال المنصب والجاه والمال ، لأنهم ببساطة بعد ما أصاب البلاد والعباد من دمار ليس لديهم ما يقدمون به أنفسهم لهذه الأمة الصابرة كي يعيشوا بين أحضانها من جديد بعدما إنفلتوا عن أخلاقياتها وقيَّمها موروثاتها بالقدر الذي جعل الأديب الراحل الطيب صالح يتساءل في حيرة (من أين أتى هؤلاء) ، أما أكثر ما يُدهش والبلاد وشعبها على محك المعاناة والإنهيار ورجاحة حدوث كل السيناريوهات السوداوية فيما نعيشه من حال ، أن بعض المنتفعين والمأجورين من الذين يُرمى لهم الفتات ، ينشرون عبر وسائط النشر الإلكتروني ما يظنون أنه سينطلي على هذا الشعب الذي ما زال يتجرَّع المرارات ، فهم يُحمِّلون عبر كتاباتهم الخائنة الشعب السوداني جريرة ما يحدث له الآن من تقتير وتجويع وإرهاب فكري وسياسي ، يوصمونه بالكسل وعدم العمل وضعف الإنتاج ، ويتهمونه بإنتمائه إلى ثقافة تقدس عدم التعاون مع الدولة وإنعدام المسئولية تجاه المكرمات البيئيه كالمحافظة على نظافة المرفق العام وعدم إساءة إستعماله ، ثم يوصمونه في أخلاقياته وأمانته في أداء عمله وواجباته ويجعلون منه رمزاً للأنانية وحب الذات والإنكفاء البغيض على المصلحة الشخصية على حساب مصالح الآخرين ، ثم بعد كل ذلك يسألون ذلك السؤال البريئ القذر (كيف للتنمية أن تكون وهذا حال الشعب) ، أقول لأولئك المضمخين بوحل خيانة الأمة في مستنقع الفساد الآسن ، عن أيي شعب تتحدثون ؟ أنتم ترسمون في خيالكم المريض شعباً تتناسق مواصفاته مع قذارة زمانكم هذا وعهدكم المنبوذ في الأولين والآخرين ، إنه الشعب السوداني الذي تزيَّن بشموخ بعانخي وكبرياء ترهاقا ، إنه الشعب الذي أنجب على دينار وعمارة دُنقس ومحمد أحمد المهدي وعثمان دقنه وعبد الفضيل ألماظ وإسماعيل الأزهري والقرشي وطه يوسف عبيد ، من جذوة عبقريته نبت عبد الله الطيب والتجاني يوسف بشير والطيب صالح وسرور وكرومة ومحمد وردي ، ومن مكمن النور في مخابيء نسائه وُلدت مهيرة بت عبود وفاطمة أحمد إبراهيم ، ومن شرارة إيمانه الديني خرج شيوخ الطرق الصوفية والحفظه والمُداح ورجال الكنائس وحاملي راية الوسطية في الدين ، وفي أضابير السياسة وأخلاقياتها أخرجت للعالم محمد أحمد المحجوب و الشريف زين العابدين الهندي والشهيد جون قرنق ، أين أنتم من هذا الشعب الذي لن يعلو على كبريائه أحد ، تمَّهلوا فإن غداً لناظره قريب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة