بإعتقادي أن هنالك جوانب كثيرة في حياتنا نهملها أو لا نهتم بالتوقف عندها و مراعاتها ؛ وفي الوقت نفسه توفر لنا هذه الجوانب رضا نفسي ، وتحقق قِيم إجتماعية عليا تسهم في توازن المجتمع ، وكذلك لنثر ونشر المحبة والإخاء فيه ، في وقت نحن أحوج فيه أكثر من أي وقت مضى للتذكير بتلك القِيَم الإنسانية التي أضحت أحيانآ شيئآ إستثنائيآ سادتي ، وأمر يُحتفى به ، بالرغم من أنها هي الأصل والشئ الطبيعي ( ولكنه من فرط التردي الذي ضرب كثير من مناحي حياتنا ) ! ولعلنا نلاحظ أن الأنانية ، والنفاق الإجتماعي ، والمعاملات التي تغيب عنها الجوانب الأخلاقية ، والنُبل ، وندرة أولوا الفضل ؛ أصبحت أهم سمات المجتمع وبعض مؤسساته العامة والخاصة ! . دعوني اليوم أتحدث ، وأن أصعد لموضع يسمح لي بمحاولة تناول أو مناقشة قيمة مهمة في حياتنا إهمالها قد يؤذي طرفآ وأحدآ ؛ وأما تحقيقها أو الإهتمام بها ، فيبني الدواخل لكل الأطراف ، يسعدها ويرضيها ؛ ألا وهي قيمة الوفـــاء سادتي ... وغالبآ نراعي الوفاء في النطاق الضيق ( مثل العائلة ، الأصدقاء ، الزملاء ، او من ساند ودعم في أزمة ما أو مرحلة قد تكون صعبة ) ويفوت علينا الوفاء لآخرين قدموا لنا ما لا يقدر بثمن . سادتي أين نحن من الوفاء لمعلمينا ؟ ( الوفاء للمعلم ) ... وخطر لي إنطلاقآ من أهميته وإعترافآ لحقهم علينا ضرورة أن نردد كل صباح شعار نقول فيه : الله ، الوطن ، المعلم . وهنا أدعوا لوضع وإعتماد مفاهيم جديدة تتبناها ( السلطة القائمة ) بضرورة تكوين هيئة ( مستقلة ) تُعنى بتكريم المعلم والوفاء له وتكون بعيدة ( تمامآ ) عن كل الأجندات والمحركات والدوافع الحزبية السياسية ، مع تخصيص يوم دراسي من كل عام خاص بالمعلم ( ودوره العظيم للأمة والبلاد ) تكون فيه المحاضرات والدروس أو الحصص من إختصاصيين إجتماعيين وأكادميين من خارج الأسرة المدرسية ترسيخآ لمبدأ الوفاء للمعلم/ة ، وتأكيدآ لإهتمام عموم الأجهزة به وهذا له إنعكاس مهم للنشء والتلاميذ والطلاب . أما على المستوى البسيط ( الفردي ، أو المجموعات الصغيرة ) فبالإمكان الإستفادة من منصات التواصل الإجتماعي والواتساب ، وخاصة تلك المجموعات التي تتشكل من أصدقاء وزملاء الدراسة لمختلف المراحل في تذكر الأساتذة والمعلمين وغالبآ هم لا ينفصلون عن ذكرياتنا التي نقلبها ، وتستدعيها المواقف داخل تلك المجموعات ، ونجترها دون أن نتوقف كثيرآ عند المعلمين والمعلمات في مراحلنا الدراسية ؛ فيجب أن نخصص لهم وقت ونسأل أين هم الآن ، وماهي أوضاعهم ( الصحية ، الإقتصادية وغيره ) وللأسف بعضنا فقط ينقل خبر وفاة الأستاذ فلان ويأتي البقية لنعية وينتهي الأمر ! أتفهم الإيقاع السريع للحياة ، وأن المجموعات بمواقع وتطبيقات التواصل هي في أكثرها لعلاقات واقعية وقديمة ولكن لأعضاء بمختلف الدول والمدن ؛ وهذا لا يمنع من التعبير عن الوفاء للمعلمين والمعلمات الذين درسونا بالمراحل الدراسية المختلفة ، ونظهر لهم إمتناننا لهم ، ولولاهم بعد عون الله لما حققنا النجاحات ، ودعونا نعتمد نهجآ في السؤال عنهم ، وأما من رحل منهم من الفانية نتواصل مع عائلته ( بالوسائل المتاحة ) ونذكرهم ببقاء ذكراهم وغرسهم فينا ، وأنهم كانوا أصحاب رسالة ونحن مَدينين بالوفاء لهم ( للأحياء ، والموتى ) . سادتي ... فقط دعونا نتذكر أنه واجب علينا الوفاء لمعلمينا ومعلماتنا ، وأنه بإمكاننا التعبير عن ذلك بأساليب مختلفة ، خاصة وأن أغلبهم قد قام بواجبه الرسالي معنا في ظروف قاسية ، وأوضاع وبيئات مدرسية متردية وأن بعضهم قد يخصم من دخله البسيط وقوت عائلته في سبيل أداءه لعملة ، وجميعنا يعلم الموقف الرسمي من مسألة الصرف على التعليم ، أو المبالغ المخصصة للتعليم ( في مختلف مراحله ) ... ولن أتحدث عن رواتب المعلمين والمعلمات ، فقط أدعوا الله أن يوفقهم ، ويعوضهم تقصير الدولة تجاههم . أخيرآ .. برأيي أنه من غير الأخلاقي أن تلاحظ وجود أحد المعلمين أو المعلمات بمكان ما ( مسافرآ أو مقيم ) أو بأي مناسبة كانت بل وحتى عند التسوق وغيره ؛ وأن لا تتقدم نحوه وتسلم عليه بإحترام وتقدير ، وأن تقوم بواجب (ما) تجاهه حسب الموقف او الحاجة ومن الطبيعي أن يكون قد نسيك ؛ لذا مهم جدآ أن تبادر بتعريفه بنفسك والمدرسة التي درسك بها والسنوات الدراسية ؛ لأن بعضهم قد يعود مدرسآ للمدرسة ذاتها لعدة مرات خلال مسيرته ( بسبب التنقلات الدورية ) ، وأما إن وجدته يذكرك ولم ينسَ من تكون فانت محظوظ ؛ وقطعآ أنك كنت طالبآ مميزآ .. فنحن نكبر وتتغير ملامحنا ، ولكن قد تبقى ملامح اساتذتنا ثابتة لفترة طويلة ؛ مالم يغيرها رهق المهنة ( الرسالية ) وقلة ذوقنا والدولة تجاههم . تفقدوا ، وتذكروا المعلمين والمعلمات يرحمكم الله . الجريدة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة