على المستوى الشخصي أرى أن الشعر الغنائي ضرب من الأدب فيه الكثير من الشروط و المواصفات الخاصة التي لا يجيدها إلى شعراء الأغنية ، و مهما بلغ الشاعر العادي من تمكن في الكتابة الشعرية و أمتلك نواصي شتى أدواتها فإنه في لحظة ما سيكون غير قادر على منافسة شعراء الأغنية في (كارهم) الذي خبروه و أعطاهم ربهم من الموهبة في ذاك المجال ما يخولهم أن يكونوا مختلفين و مبدعين في صناعة الأغنية القادرة على تحريك ضمير الأمة و بالتالي سرعة و إتساع رقعة تداولها فضلاً عن مكوثها الطويل الأمد في ذاكرة الناس ، و لأنني أعتقد أن القصيدة الغنائية يجب أن تتحلى بشروط أهمها غرابة المطلع وبساطة الفكرة و عادية المفردة و وضوح معالم موسيقاها و إيقاعها شعرياً بالقدر الذي يجعل من اليسير على الملحن أن يضعها في قالبها اللحني المناسب ، كما أرى بأن كل شعر يشوبه التعقيد في مجال الفكرة و المفردات و الخيال الشعري الجامح حد الغموض لا يصلح أن يُصنع منه أغنية ( خالدة ) .. مع الإقرار بأن الأشعار المعقدة و الحداثية إن جاز التعبير قد صنع منها كثيراً من الملحنين أغنيات غير أنها بالتأكيد لم تنتشر إلا في أوساط الصفوة أو النخبة من الطبقات المثقفة ، أما جماهيرياً فبالتأكيد هي لم تلقى التجاوب الذي وجدته الأغنيات التي كتبها شعراء وصفهم النقاد و العامة بأنهم ( شعراء غنائيون ) .. و الجدير بالذكر أن المحاولات الحداثية التني تبناها كثير من الملحنين و المغنين وعدد من المجموعات الغنائية لتلحين الكثير من الأشعار التي هي خارج مواصفات الشعر الغنائي ، و رغم نجاحها المبدئي في خلق تصور مقبول لحالة من المعالجة الموسيقية الراقية و المدروسة أكاديمياً ، إلا أنها في نهاية الأمر أدت إلى وقوع تلك المعالجات في شرك التكرار و التشابه اللحني ، و ذلك سببه بالتأكيد عدم موافقة البنية الشكلية للقصيدة المعنية لمواصفات القصيدة الغنائية التي تم ذكرها آنفاً ، ففي رأيي الشخصي يؤدي التعقيد في الجمل الشعرية و المفردات المستخدمة و عدم حدة و وضوح معالم الإيقاع الشعري ، و إنتفاء وجود المطلع ( المدهش ) الذي يعلق بالأذهان ، يقود الملحن إلى بذل أكثر مجهوداته الفكرية في مجال تطويع النص مع اللحن المقترح ، مما يقلل من إهتمامه بالزخم الموسيقي و التفاصيل الجمالية المصاحبة للعمل الأدائي ، و بالتالي يبدو في كثير من الأحيان أن مجموعة كبيرة من المغنين و المجموعات الغنائية التي تبنت خطاً غنائياً إرتبط إرتبط وثيقاً بالشعر الجاد أو المعقد أو المخصص للنخبة كانوا مجرد (واجهات دعائية) لشعراء تلك الأغنيات ، فمعظم ما ألتف حولهم من جمهور و معجبين غاية إعتدادهم و إهتمامهم بأعمالهم الغنائية محصورة في جزالة الكلمات و غرابتها و بالتالي هم غير مكترثين بما أصاب تلك الأعمال من فقر موسيقي واضح سببه الإصرار على تلحين أشعار حسب رأيي الشخصي إنما أُنتجت لتقرأ أو تلقى في المنتديات ، فليس كل الشعر يصلح أن يُغنى و لو وجد ( القالب ) الموسيقي المناسب ، مقاييس نجاح العمل الغنائي النهائية تنحصر بالأساس في قدرته على التغلغل في وجدان عامة الناس بلا صفوية و لا نخبوية ، فضلاً عن مقدرته على التواجد طويل الأمد أو حتى الخلود .
12-23-2019, 01:53 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
عن أغنية وسط السودان الأغنية في وسط السودان مكونة من الآتي: 1. الكلمات الشعرية 2. الألحان الموسيقية 3. الأداء الكلمات الشعرية يتعين أن تكثُر فيها حروف المد : أمثال الياء ، الألف ، الواو . وتنخفص فيها الأحرف التي هي غير قابلة للمد : أمثال ال ف، ق، ظ ، ط ، ت ..الخ هذا يسمح للملحن أن يتخلل مشروع اللحن حروفاً قابلة للمد مثال : استدعت أم كلثوم والملحن محمد عبد الوهاب الشاعر السوداني الهادي آدم لتغيير مطلع الأغنية : أغداً ألقاك فيا لهف فؤادي من غد إلى أغداً ألقاك فيا خوف فؤادي من غد * الشعر الحديث تمكن مصطفى سيد احمد من تلحينه * اللحن الدائري ، بدون هارموني ( كما قال إسماعيل عبد المعين : موسيقى عريانة) : بسيط ومخل ، لكن عامة الناس يحبونه ، لأنهم لم يدرسوا الموسيقى في المدارس ، فتجد كثيرا من حتى المثقفين لديهم أمية موسيقية ( بما فيهم كثير من المغنيين )، الذين لم يدرسوا إمكانية أصواتهم ولم يستطيعوا تطوير أدائهم كما يحدث في ( أغاني وأغاني) * نحن في وسط السودان لا نستخدم سوى 5 أصوات من 7 ، ولا نستخدم نصف التون! وفي غرب السودان السلم السداسي والسباعي * ليس لدينا في مدارسنا دراسة موسيقية ، وحتى قبل سبعينات القرن العشرين كان هناك صول من سلاح الموسيقى وعنده آلات ، ولكن الموسيقى اختيارية . ليس لدينا صالات موسيقى ، ولا موسيقى بحتة ، وليس لدينا موسيقى سيمفونية ، ولا صالات للاستماع الموسيقي ، وليس لدينا صالات أوبرالية .. إلخ * الموضوع أكبر من مقال *
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة