رغم إعتقادي أن أوان الدهشة قد ولَّى ، بعد ما سمعنا وشاهدنا وعايشنا ما لم يدُر في مخيلتنا وما لم نتوقَّعه في عهد الإنقاذ البائد من جُرأة على الحق والحقوق وسيادة التدليس والتعدي والظلم المُنهج ، إلا أن الأقوال والأحداث في ظل هذه الأيام المباركات التي بدأت تطُلُ بين نواصيها بؤرة الشروق والإنعتاق أسفرت عن أن بعض (الخاسرين) جراء إنتصار الحقيقة وسيادة القيَّم النبيلة مُصرَّون على مواصلة التجديف في بحر الباطل الذي لا مُحالة هو مُغرقهم ومُهلكهم عما قريب ، هم لا تفارقهم نزوة اللهث وراء سلطانٍ زائف ، وما زالوا يزرفون دموع المفطومين عن ما أدمنوا ، ثم يستجدون طوب الأرض للعودة إلى التلاعب بمستقبل الوطن والشعب الذي قال كلمته الأخيرة ومضى في طريق التحرُّر والبناء .
أولئك هم قيادات وناشطي الأحزاب التي شاطرت النظام البائد كعكة السلطة بعد أن إنتزعتها من أفواه الجياع والمرضى والمُشردين بسبب الحروب الأهلية ، كانوا على وفاق (إستراتيجي) مع النظام ، بل بعضهم ينتمون إلى الذين سطَّر التاريخ الوطني عنهم في صفحاتٍ سوداء فضيحة ضلوعهم في تقويض النظام الديموقراطي عام 89 والإنقلاب على الوطن والشعب في ليلة ظلماء تسربلت بالغدر والخيانة وتغليب النزوات والأطماع الحزبية والشخصية على مستقبل أُمة بأكملها ولو كلَّف ذلك الدماء والدموع والجوع والهوان لهذا الشعب الذي حمَّل كاهلهم الكثير من الجمائل والعطايا ولإحتفاء ، كما سجَّل التاريخ عن بعضهم أنهم كانوا مثالاً يُحتذى ومضرب مثل في الإنتهازية السياسية والتلوَّن الذي لا يردعه مبدأ ولا أخلاق في تهافُتٍ مستمر نحو مطلب واحد هو دائماً الوصول إلى مقاعد الحكم و النفوذ ، وليت ذلك كان من أجل برنامج يستهدف المصلحة العامة بقدر ما كان وسيكون دائماً مستهدفاً للمصالح الذاتية المحدودة .
يتحدثون اليوم بألمٍ يتجاوز حد البكائيات العصماء ، عن الإقصاء السياسي ويعيبون (ثنائية) إتفاق قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري ، ويتناسون دعمهم لـ (آحادية) وشمولية الحكم تارةً تحت مُسمى الإنقاذ وتارةً بإسم المؤتمر الوطني ويضيفون في ذاك الأوان إلى سوءاتهم التي لا تُحصى ولا تُعد عدم إعترافهم بالآخر وتكميم أفواه من عارضوا أو حتى وقفوا على الحِياد ، نقول لهم يا مُبتدعي فكر التمكين ومجذرة الصالح العام التي شرَّدت ملايين الأُسر ووضعتهم في قلب المأساة ، تذكروا أن مجرد (الوقوف على مسافة واحدة من الجميع) في زمان سطوتكم لم يكن كافياً لإبقاء متبَّنيه على سُدة عمله وأكل عيشه .
فقط نطلُب منهم الآن بعضُ إحترامٍ لهذا الشعب ولمحة تقدير ولو متواضعة لهذا الوطن ، دعوا من إئتمنتهم جماهير الثورة على مطالبها وأهدافها المعلومة والواضحة أن يضعوا هذا القطار المترنِّح في جادة الطريق ، دعوهم وشأنهم حتى يتمكَّنوا من إزالة غول الفساد والإتكالية والسيادة والعُلو بإسم الإنتماء السياسي والشراكات المنفعية المشبوهة وغياب الإعتداد بالكفاءة والقدرة والأمانة ، دعوهم ليتصدَّوا لترميم ما أقترفته أيديكم من خراب ، ثم عودوا إذا حان وقت التنافس النزيه والذي سيكون هذه المره فقط (من أجل بناء الوطن خدمة شعبه الذي يستحق ) ، حينها سيكون للشعب كلمتة التي أرجو ألا يسوءكم وقعها في الآذان والنفوس.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة