قبل أيام كنت أطالع الصحف مبكرًا كعادتي.. لفت انتباهي إعلان في صدر الصفحة الأولى موسوم بأهل الصحافة ..حسبت أن دنيا الصحافة قد أنتجت منظومة جديدة تضاف لكرام الصحفيين لصاحبها الشيخ إمام محمد إمام.. لكن بعد الاستعانة بالخبراء تمكنا من تفكيك التهنئة التي كانت من نصيب وزير المالية بولاية الخرطوم والذي أنعمت عليه رئاسة الجمهورية بنجمة الإنجاز .. والصحافة المعنية لم تكن سوى ضاحية الصحافة والتي كان الوزير من سكانها قبل أن يهاجر لمنشية الشيخ الترابي بالخرطوم شرق.. لم يكن ذاك الإعلان الا واحدًا من عشرات الإعلانات التي صفقت للاختيار الذي صادف أهله.
قبل أيام هددت قطاعات من المعلمين بعدم الانخراط في عملية مراقبة امتحان الكيمياء والذي تسرب وما زال البلاغ مقيدًا ضد مجهول.. كل المعلمين والمعلمات بمدارس الخرطوم الثانوية لم يصرفوا رواتبهم حتى لحظة كتابة هذا المقال.. مسؤول رد المشكلة الى شُح السيولة .. لكن القول مردود إذ كان بالإمكان فتح حسابات ادخار بالمصارف لكل المعلمين أسوة بقطاعات أخرى من بينها شريحة المعاشيين .. لكن قبل الاسترسال علينا أن نسأل هل صرف وزير المالية راتبه عن شهر مارس،ٍ فيما أكبر قطاع من منسوبي ولايته في الانتظار؟
امس الأول قدم والي الخرطوم عرضًا مدهشًا أمام مجلس الولايات.. الفريق أول ركن مهندس مستشار عبدالرحيم محمد حسين أشار إلى أنه يدير الولاية بالبركة (بس).. وحسب الوالي أن السياسية الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة مؤخرًا دمرت ميزانية ولاية الخرطوم.. الوالي بعد أن (هبش) الإجراءات الاقتصادية التي يرعاها رئيس الجمهورية شخصيًا اعترف بأن قيمة أي لاعب كرة قدم أوربي أكبر من ميزانية ولاية الخرطوم.. وأن ٧٠٪ من سكان ولاية الخرطوم يستخدمون المواصلات العامة.. وان مياه الشرب تختلط بمياه الصرف الصحي.. لم ينس الوالي تذكيرنا بأن أزمة المواصلات سببها وجود العاصمة بين ثلاث أنهر .. عزيزي القاريء يلزمنا أن ننوه إلى أن التصريحات السابقة لم تصدر من زعيم معارض ولا علاقة لها بأيٍّ من قادة الحركات المسلحة.
لكن في ناحية بعيدة كشفت جولة مفاجئة لرئيس الوزراء أن مخازن السكر الحكومية تحمل في جوفها ستة ملايين جوال.. رغم ذلك ارتفع جوال السكر بنسبة ٥٠٪ خلال مائة يوم.. الطريف أن أحد المسؤولين في ذات الشركات اعترف بوجود أزمة تخزين جعلتهم يخزنون السكر في العراء.. بالطبع كان من اليسير ان يتم تخزين السكر مجانًا في بيوت المواطنين الذين هم في أمس الحاجة.. الغريب أن سعر السكر لم يرتفع إلا بعد أن تدخلت آليات الدولة .. الأغرب أن السكر المنتج محليًا يباع في الأسواق بسعر أعلى من المستورد من كوبا .
في تقديري.. أن الفريق عبدالرحيم يستحق نجمة الإنجاز وليس خازن بيت المال عادل محمد عثمان.. سعادة الفريق اكتشف السر الذي يجعل حكومتنا في كامل قواها العقلية بينما نصف الشعب يكاد يصاب بالجنون بسبب المعادلة الصعبة بين الحياة والموت . .إنها البركة (بس) أو كما قال الوالي.. أزمة في الوقود واُخرى في النقود وثالثة في المرتبات شملت المعلمين والسفراء ورابعة في السكر وربما أخرى في الطريق.. رغم ذلك تنام الخرطوم في هدوء ويضحك السر قدور ملء شدقيه في برنامج أغاني وأغاني.
بصراحة.. لو كنت في مكان السيد الوالي لهمست في إذن الحكومة مطالبًا بسرعة الرحيل.. هنالك عواصم منزوعة البركة لكنها نظيفة .. بلاد يحكمها من لا دين لهم لكن يسكن العدل في ربوعها.. بل هنالك بلد اسمه الصومال يعيش منذ زمن دون حكومة مركزية رغم ذلك يصرف الموظفون رواتبهم في موعدها.. حتى البركة تحتاج للاجتهاد في العبادة والتخطيط في السياسة.. إنه فقط الحظ الحسن يا سيادة الوالي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالباقي الظافر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست