مهزلة العقول السودانية في مجال المـــال والاقتصاد !!
لم تهنأ دولة السودان منذ الاستقلال بذلك الشخص العبقري المالي والاقتصادي الذي يملك النبوءة والنظرة المستقبلية البعيدة لوضع خريطة مالية واقتصادية سليمة تواكب مسار السودان لمئة سنة قادمة .. دون أن يتأثر بتدخلات الساسة والسياسة .. بل كان ذلك التخبط في المسار المالي والاقتصادي بالقدر الذي يؤكد الفوضى في أساليب أبناء السودان كالعادة .. كان المسار المالي والاقتصادي في البلاد يعتمد كلياُ على التخبط والاجتهادات .. ينجح لحظة ويفشل ألف مرة !.. تارة يتولى الزمام أناس ليسوا بأصحاب المهنة .. وتارة يتولى الزمام أناس أصحاب مهنة فاشلين !.. والإنسان السوداني الذي يهناُ بطول العمر ويواكب مسار وخطوات العملة السودانية طوال السنوات ما بعد الاستقلال يصيب بالغثيان لفداحة التدني في قيمة العملة السودانية .. ويقف متعجباُ ومندهشاُ من ظاهرة التراجع في قيمة العملة بوتيرة كئيبة ومخجلة .. وهي وتيرة لا تشرف أبناء السودان هؤلاء الذين يحملون الألقاب في مجال المال والاقتصاد .. وتؤكد أن كل من تولوا وزارة المالية والاقتصاد كانوا ومازالوا أفشل الناس في تلك المهمة .. ونحن نعلم أن دول كثيرة في العالم قد أوكلت تلك المهمة لفئات ماهرة من أبناءها .. ثم نجحت تلك الدول نجاحاُ باهراُ بفضل أبناءها الذين وضعوا سياسات مالية واقتصادية طويلة المدى لبلادهم .. وذلك دون أن يتأثروا بالتقلبات السياسية التي تدور في البلاد .. أما تلك الصورة في السودان فهي لا تشرف أي وزير مالي أو اقتصادي تولى تلك المهمة منذ الاستقلال .. وذلك التدني في قيمة العملة السودانية بدأ الخطوات منذ خروج المستعمر من البلاد ومازال يواصل التدحرج حتى هذه اللحظات .. ولا يوجد في الساحة السودانية ذلك الاقتصادي والمالي الماهر الذي يستطيع أن يضع الحد لذلك التدني والتدحرج المخجل في قيمة العملة .
عند خروج المستعمر كانت قوة شراء ( التعريفة ) التي تعادل واحد في الألف من قيمة الجنيه في ذلك الوقت أقوى من قوة شراء المليون جنيه سوداني في الوقت الحاضر !!.. وتوالت مهزلة العملة السودانية في غياب تلك العقول الاقتصادية والمالية الماهرة .. والأجيال تلو الأجيال تواكب ظاهرة التدني في قيمة العملة السودانية وهي لا تصدق تلك المجريات ., وفي مرحلة من المراحل في مسار البلاد أصبحت قوة شراء ( الألف جنيه سوداني ) لا تملك القيمة .. وعند ذلك فكر البعض من هؤلاء رجال المال الفاشلين أن يعتبروا مبلغ ( الألف جنيه سوداني ) بمثابة مبلغ ( 1 جنيه ) !!.. وحتى وقت قريب كان الإنسان السوداني يسمي ورقة الواحد جنيه بورقة ( الألف ) .. وهو عندما يشتري شيئاُ بمبلغ 3 جنيه ( مثلاُ ) يقول لصاحب المتجر : ( أعطني من السلعة الفلانية بمبلغ 3 ألف جنيه ) .. وكذلك نجده يستخدم ( لفظ المليون جنيه ) عند التعامل بمبلغ الألف .. ومازالت وتيرة التراجع في العملة السودانية تتوالى يوماُ بعد يوم .. وفي الوقت الحاضر فإن مبلغ الواحد جنيه سوداني الذي هو في الأساس مبلغ ( 1000 جنيه ) لا يشتري ( حبة فولة ) .. وإذا أعطيته للطفل الصغير لا يرضى بذلك المبلغ .. ويقول أن المبلغ لا يشتري شيئاُ .. وهو ذلك المبلغ الذي كان يشتري في أيام الإنجليز عمارة من 20 طابق في قلب الخرطوم !! .. ومبلغ الألف جنيه اليوم وهو في الأساس مبلغ ( مليون جنيه ) لا يشتري فستان من السوق .. وهو ذلك المبلغ الذي كان يمثل رأسمال ألف شركة كبيرة بالخرطوم في أيام الإنجليز !!! . ( يا سبحان الله !!!!!! ) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست