هوس الحملات الانتخابية ظل يسيطر على السياسيين التنفيذيين والتشريعيين في حزب المؤتمر الوطني، لدرجة(تشابه عليهم الاختصاص)، أصبحوا يحسبون كل تجمع جماهيري هو منبر مشروع للدعاية الانتخابية ومهرجان للخطابة!!؟ أمس الأول الجمعة تداعى نفٌر كريم من أبناء المسيرية لحضور (مناقب) أو كما يحلو للعامة ب(التأبين) لشهداء المسيرية الذين غدرت بهم الحركة الشعبية داخل حدود وسيادة دولة السودان المتعارف عليها دولياً، وكان الحادث في منطقة (أبوكدمة) التي تقع بالقرب من مدينة الدبب في ولاية غرب كردفان، المناقب اختير لها ميدان بمنطقة (السلمة) جنوب الخرطوم، حيث لبى النداء حضور مقدر من شتى افخاذ المسيرية بالخرطوم، وشرفها نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبدالرحمن ووزير الداخلية حامد منان وعدد من أبناء المسيرية من ألوان الطيف السياسي من ضمنهم نائب رئيس حزب الأمة القومي اللواء م فضل الله برمة ناصر والدكتور محمد عيسى عليو من قادة الرزيقات ولفيف من أبناء غرب كردفان وقياداتها بالجهاز التنفيذي والتشريعي إضافة إلى قيادات المسيرية من عمد وشيوخ. حينما يتعلق الأمر بالمناقب للمتوفيين يتبادر للذهن من أول وهلة أن يكون الحديث عن المتوفي، تماشياً مع حديث الرسول الكريم (اذكروا محاسن موتاكم) كنا نمني النفس بأن تنظم اللجنة العليا، المناقب بصورة تشبه الحدث، وعلى أقل تقدير توفّر معرضاً مصوراً بسيرة ذاتية مبسطة للمراحيم الذين استبسلوا في الدفاع عن مالهم وعرضهم وأرضهم، وأن يأتي الحديث في سياق المناقب وعظة الموت، وليست خطب سياسية كما شهدنا، وهذا ما لا تحتمله كلمة (تأبين أو مناقب) لم نكن نظن أن هناك معنى آخر بعيد وهو المراد!!، لان المناقب لا تحتمل أكثر من ذكر محاسن الموتى!! ما شهدناه من مهرجان، لم يكن مناقب وإنما كان حملة إنتخابية، وأحسب أن اللجنة العليا يعود لها القدح المعلى لضعف التنظيم والمساهمة الكبرى في أن يحتمل البرنامج أكثر من معنى! لأنهم جعلوا المناقب مفتوحة بلا دلالة،بغياب المعرض المصور والسيرة الذاتية للشهداء وبطولاتهم وغيرها من تدابير ،وأدوات كان بالإمكان أن تعيد (برمجة) السياسيين المتلهفين لكراسي السلطة، وتعود بهم من الحملة الإنتخابية الى مناقب الشهداء،ساستنا مزودون هذه الأيام ببرنامج (ويرد) يقرأ فقط ما يتعلق بالانتخابات لا غيرها ؟؟ عدد من الذين تحدثوا جل حديثهم كان خارج المناقب، وذهبوا مباشرة لقضية جمع السلاح وما صاحبها من غياب خطة ومنهج وحملوها مسؤولية الأحداث، بينما ذهب آخرون تجاه تجييش المسيرية لحماية نفسها من مخاطر الصراع الحدودي مع دولة الجنوب والحركات المسلحة. نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبدالرحمن،لم يخرج من متلازمته وهي لغة (العنف اللفظى) الذي لجأ لاستخدامها خلال الشهور الأخيرة، فهو لوح بجز الرؤوس المتطاولة في تصريحات سابقةوغيرها من العبارات (المتحزمة) بقوة الدولة والسلطان، وقال في المناقب، نحن في الحكومة ماعايزين (عصا نائمة وعصا قايمة) والعبارة بلغة (التبيين) بعيداً عن (التلحين) واضحة المعالم والدلالات!!؟ وقال أيضاً في معرض حديثه (نريد أن نوطن العرب الرحل وكلفنا لجنة لمشروع التوطين، وأضاف نريد90%من العرب الرحل أن يستقروا ولو رفضوا،،،،بالقوة يستقروا)!؟ هذه العبارات كانت حصيلة ما انتظرته جموع كبيرة لم يشهد لها مثيل في ولاية الخرطوم من قبل،انتظرت سماع (الدعاء والتضرع) للشهداء، وخطاب واضح المعالم يطمئن الأحياء على تأمين أموالهم وعشيرتهم، لكن النائب احتفظ بترتيبات الدولة، وما تنوي القيام به وإكتفاء بإشارة (نحن قاعدين وعارفين أي حاجة، وهسي شغلتكو دي إيدنا داخلة فيها) هذا التعبير الصريح، سبقه والي ولاية غرب كردفان بركة في كلمته، برفع التمام (بوضوح) للسيد نائب رئيس الجمهورية، بأن محليات ولاية غرب كردفان ال14 جميعها تؤيد ترشيح الرئيس البشير لدورة رئاسية في 2020م ؟!! السيد الوالي يعلم علم اليقين أن النائب كان معه قبل أيام قلائل في الولاية لتوقيع الصلح بين بطون المسيرية، فكان الأولى أن يبلغه بهذا الإجماع هناك، ولكن لأن الساسة كثيراً من الأحيان يباغتهم العقل الباطني، وتؤثر عليهم البرمجة (الفوقية) ،كثيراً ما تسبقهم حواثهم بحديث في غير مكانه ولا زمانه!؟ انتهت المناقب.. وانفضى السامر دون تحقيق أشواق اللقاء الذي قطع من أجله الرجال الفيافي وهم يتوقون لسماع محاسن العشرات من الذين ذهبوا إلى ربهم شهداء، إلا أن أشواك سوء الترتيب وإحكام المنافذ التي يتسلل منها الساسة طمعاً في إرضاء السلطان، جعلت من المناقب حملة انتخابية كاملة الدسم لترشيح الرئيس في 2020م رغم أنف المعزين..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة