خرجت على نغمة الصافرة التي لم أسمعها منذ مدة.. وجدت حاجة العاجبة وهي من جيل المستنيرات تستوضح صاحب البشارة.. منذ نحو شهر غابت عربة النفايات..استعاض الأهالي بحرق الأوساخ وتلويث البيئة بمظان تنظيفها.. قائد الأسطول قدم إفادات أكثر وضوحاً من حامل الصافرة.. وحسب الرجل أن (حلتنا)كانت محل عقد بين المحلية وإحدى الشركات الخاصة.. نكصت الشركة بسبب تدني الأرباح الناتج من ارتفاع قيمة الوقود.. في نهاية الأمر ودعنا الركب على أمل لقاء قد لايحدث قريباً. قبل أيام كانت باخرة تحمل نحو عشرة آلاف رأس من الضان في طريقها إلى أسواق المملكة العربية السعودية..بعد الفحص الروتيني ردت سلطات مطار جدة كل الشحنة لأسباب صحية.. حينما وصلت البضاعة ميناء سواكن كان نصفها قد نفق.. بعد إخلاء الخراف التي تنتظر الموت عادت الناقلة إلى أعالي البحر لترمي سوءتها في المياه الدولية.. زاد الحرج فبدل أن يكون في الإطار الثنائي بيننا والسعودية اتسع ليشكل سابقة جديدة في سوء التعامل مع العالم في قضية ذات حساسية. أسوأ ما في هذه الجريمة في توقيت حدوثها..نحن الآن في أمس الحاجة لكل دولار أخضر..الطريق للخروج من مربع الأزمات يمر عبر زيادة الصادرات.. هنا يصبح السؤال: كيف خرجت من بين أيدينا شحنة غير مطابقة للمواصفات..المشوار لجدة يستغرق أقل من نصف يوم.. هذا يعني أن البضاعة لم تكن على ما يرام أو أن الإناء الناقل لم يكن في كامل الجاهزية ..في كل الأحوال الخلل من داخل ملعبنا.. ليست هذه المرة الأولى التي تتقاصر أجهزتنا الرقابية عن رصيفاتها في الإقليم . لكن القضية الأكبر والتي يجب أن تخضع لتحقيق عاجل يكمن في السماح للسفينة الناقلة بتفريغ المرض في عرض المياه الدولية..هناك برتوكولات وأعراف تنظم التخلص من النفايات البحرية..عبر هذا الفعل الطائش وضعنا قدمنا الأولى في قائمة سالبة جديدة.. تعايشنا مع مشاكل النفايات بالداخل ..ثم شرعنا في تصدير السلوك السالب إلى ما وراء الحدود..أغلب الظن ستنتهي الأزمة إلى لا شيء..مثل كل الأزمات السابقة. في تقديري أن واحدة من المشكلات التي تواجه العقل الجمعي على المستوى الرسمي والشعبي هي استسهال القيود المتعارف عليها دولياً في إطار تنظيم سبل الحياة..حتى وقت قريب كانت بطاقات الحمى الصفراء تباع على قارعة الطريق..الحصول على رخصة قيادة دولية لا يحتاج لتعلم مهارات قيادات السيارات بل فقط مهارة الوصول إلى العنوان الذي يصدر الوثيقة المهمة..لهذا السبب يتعامل معنا العالم بحذر شديد.. يتم إعادة تفتيش الركاب السودانيين عند الوصول إلى سلم الطائرة وقبل الإقلاع من مطارنا العتيق. بصراحة..علينا أن نثبت للعالم ولو لمرة واحدة أن ماحدث في أمر الباخرة مجرد غلطة أفراد وأن( السيستم) بخير ..لن يحدث ذلك إلا بتحقيق شفاف يتم فيه إنفاذ عقاب ملموس بحق الجناة الذين ارتبكوا جريمة مع سبق الإصرار والترصد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة