مرافئ السراب فصل من رواية بقلم عباس علي عبود

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 09:35 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-14-2016, 06:47 PM

عباس علي عبود
<aعباس علي عبود
تاريخ التسجيل: 01-14-2016
مجموع المشاركات: 3

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مرافئ السراب فصل من رواية بقلم عباس علي عبود

    05:47 PM Jan, 14 2016 سودانيز اون لاين
    عباس علي عبود-الخرطوم-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر الأستاذ بكري أبو بكرتحة طيبةتابعت: أيقونة الأستاذ محمود والجمهوريين في الأدب السوداني المعاصروأود المساهمة معكم..مرافئ السراب رواية كتبت في الأعوام 2004 - 2006ونشرتها الحضارة للنشر بالقاهرة 2010في الرواية فصل يمشهد كلمة الأستاذ أمام المحكمة وصعودة إلى المشنقة وابتسامتة التي هزمت الطغاة. وضع الناشر فقرة من الفصل على الغلاف الأخير للكتاب.دشنت الرواية في مركز الأستاذ محمود الثقافي في أم درمان سبتمبر 2011الشكر والتقديرعباس
    ذات شتاء، وعند الظهيرة، كان الغبارٌ يجوب الأعالي، والبلادُ تضجُّ مستنكرة.. في المحكمة قال الأستاذ لقضاته:

    أنا أعلنتُ رأيي مراراً، في قوانين سبتمبر 1983، من أَنها مخالفة للشريعة، وللإسلام.. أكثر من ذلك، فإنها شوهتْ الشريعة، وشوهتْ الإسلام، ونفرتْ عنه. يُضاف إلى ذلك، أنها وُضِعَتْ، واستغِلتْ، لإرهابِ الشعب، وسوقه إلى الاستكانة، عن طريق إذلاله.. ثم إنها هددتْ وحدةَ البلاد. هذا من حيثُ التنظير..

    صباح الجمعة كانت ساحة الإعدام بسجن كوبر العمومي، مكتظةً برجال الأمن، والشرطة، وجنود الجيش المدججين بالسلاح. جماهيرٌ محتشدةٌ على مرمى البصر من أسوار السجن. أمام منصة الإعدام جلس كبار رجال الدولة، وأعضاء محكمة الموضوع، والاستئناف، وجمعٌ غفيرٌ من الموظفين والعاملين بالسجن..
    وصل الأستاذ بملابس السجن وعلى رأسه غطاء الإعدام الأسود. الجنازير تربط اليدين إلى الخلف وتصل للأقدام ملتفةً حول الساقين. بخطى وئيدة سار حتى وصل إلى منصة الإعدام، بينما كلماته أمام المحكمة تضيء شعاب التاريخ، وتفتح دروباً لتحرير الإنسان:

    وأمَّا من حيثُ التطبيق، فإنّ القضاةَ الذين يتولون المحاكمة تحتها، غير مؤهلين فنِّيا، وضعفوا أخلاقياً، عن أنْ يمتنعوا عن أنْ يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية، تستعملهم لإضاعة الحقوق، وإذلال الشعب، وتشويه الإسلام، وإهانة الفكر، والمفكرين، وإذلال المعارضين السياسيين..

    صعد السلالم المعدودة. بصعوبةٍ وقف عند نهايتها محاطاً بالجنود. تقدم منفذ الإعدام، أدار الأستاذ ليواجه الجالسين في الساحة، ثم خلع عن رأسه الغطاء الأسود. ابتسم الأستاذ، ألقى نظرةً على كل المكان، من اليمين إلى اليسار. تحت حبل المشنقة، نفض وبهدوء إحدى قدميه في الأخرى، خلع عن قدمه فردة المركوب، وقف بقدمه العارية عليها. وهكذا فعل بالقدم الأخرى؛ ناظراً للحشود التي أمامه. وُضِعَ الغطاءُ الأسود على رأسه، وحبل المشنقة حول رقبته، بينما كلماته أمام المحكمة؛ تخلخل أركان الطغيان؛ وترسم الطريق إلى مجد الإنسان:

    ومن أجل ذلك، فإني غير مستعد للتعاون، مع أيِّ محكمة تنكرتْ لحرمة القضاء المستقل، ورضيتْ أنْ تكون أداةً، من أدوات إذلال الشعب، وإهانة الفكر الحر، والتنكيل بالمعارضين السياسيين..

    طائرةٌ مروحية صعدتْ من ساحة السجن، حاملةً الشهيد إلى مكانٍ مجهول، بينما ابتسامته تضيء نبراساً للناس أجمعين..
    تململت البلاد على مرجل التوثب. راكمت الأيام مواقيت انبلاج صباحاتها المشرقة. بدأ الشماسة سيمفونية الخلاص، رقصوا في قلب شارع القصر، أمام سينما كليزيوم. كان دبيب الغليان يهسهس في مفاصل المدينة. بدأت نقابة المحامين إضراباً مفتوحاً، وملامح العصيان المدني ترصف دروب الخلاص. توالت إضرابات الأطباء، العمال، المصارف.. وبينما جموع الطلاب تهدر في الشوارع، ظلَّت مريم بدر الدين قابعةً في سكن الطالبات، وسط دوامات الحزن والأمل. طارق عبد المجيد سافر إلى البلدة، مطوقاً برماد الحيرة، يتململ بصدره سؤالٌ مرير..

    هَبتْ البلادُ في انتفاضةٍ عارمة. في الأزقة والشوارع، في أم بدة والدروشاب، ومدن الجنوب العابقة بالدخان. خرجت الأمهات إلى الطرقات يوزعن الحماس، والماء، والسندوتشات.. ملوال وسط شارع الجامعة لوَّح بغصن النيم عالياً، كان طوله قد أعطاه إحساساً بالرجولة والرضا. آلاف الأغصان تلوِّح؛ يعلو الهتاف، يتصاعد، يهوِّم الغبار ويسيل العرق. عَمَّ البِشْرُ والحبور، كسرتْ الجموع أسوار الكبت وجابتْ الدروب بحثاً عن الحرية. كانت الأغصان تزحم الآفاق والهتاف يتوالى: ((لن ترتاح يا سفاح))..
    تواترت أنباء الانتفاضة إلى البلدة.. في حلة فلاتة التقطت مريم هارون بعض الأخبار من جاراتها. أرسلت بصرها إلى الحائط الطيني الشاحب ثم تنهَّدت.. وراء أسوار القصب عاشت بعد زواجها، ثم تحول القصب إلى حيطان طينية، وليل الأسر الطويل ما انفك يطوَّقهن.. وسط الحوش الضيِّق ظلت تتمشى في انتظار نبضات الطلق الأولى، وقالت في نفسها: ((هل عاشت أمهاتنا وجداتنا قانعات بنصيبهن من الحياة؟))..
    في الطفولة كانت ترافق جدتها فاطمة وتجلس بجوارها حين تضع الجدة آنية الفول والتسالي وتجلس على الرمال، تحت شجرة النيم الكبيرة، قبالة مدرسة البنات الابتدائية. كانت الجدة تحكي لحفيدتها عن أيام شبابها. قالت لها ذات مرة: كانت علاقتنا مع أهل البلدة محدودة. كان الأطفال والصبيان لا يغادرون البيوت إلا إلى النهر، أما الرجال والشباب فكانوا يرتادون سوق البلدة للعمل مع التجار في ترحيل البضائع، أو نقل جوالات الذرة والفحم من المتاجر إلى البيوت. وقالت لها: كان رجالنا حكماء، فنحن غرباء ومن الخير لنا أن نبقي بعيداً عن أهل البلدة.. تضحك الجدة وتتحول نبراتها إلى المرح. واليوم تجوب الصبايا أزقة البلدة لتسويق مكانس السعف.
    مريم هارون قالت في نفسها: ((لن يتغير شيء ما دامت هذه الحيطان متطاولة. نساء البلدة يشاركننا في الأفراح والأحزان، ولا نستطيع مشاركتهن، فقط عجائز النسوة يقمن بالواجب نيابةً عنا. إذا كان الإسلام هو ما يبقينا خلف الحيطان! فأكثر أهل البلدة من المسلمين لكنهم لا يحبسون نساءهم. وأطفالهم الذكور والإناث يذهبون إلى المدارس، ويسافرون إلى المدن للتعليم والعمل)).. أرسلت نظرةً خاطفةً إلى الحائط الطيني الشاحب، تنهَّدت ثم دندنت بلحنٍ حزين. مريم هارون أنجبت ابنها البكر بعد عام من الزواج. ومع الأيام رسخت قناعتها بضرورة تغيير واقع النساء، وعزمت في نفسها أن لا تترك أطفالها بلا تعليم. بدأت محاولاتها حين أنجبت بنتاً، يومها صارحت زوجها برغبتها في أن تحمل المولودة الجديدة اسم أميمة. عبرت الدهشة جبين الزوج، وربَّما ظنَّ أن الأمر مجرد دعابة. في المساء، حين كررت رجاءها، كاد الزوج أن ينهرها لكنه صمت. وبعد برهة تساءل: ((لماذا نغير أسماءنا الإسلامية؟)).. ردت الزوجة بأنَّ أهل البلدة المسلمين يطلقون هذه الأسماء على بناتهم. وكادت أن تقول له نسميها أميمة حتى يكون اسمها جميلاً وسط زميلاتها تلميذات المدرسة، لكنها ابتسمت وتذكرت أيام الصبا حين كانت تجلس مع جدتها تحت شجرة النيم، قبالة المدرسة الابتدائية للبنات. عبرت بخاطرها صورة تلميذة بلون سنابل القمح، وضفيرتان تتدليان على عنقها. كانت تكن لها محبةً خاصة، وتشعر دوماً إنها تختلف عن زميلاتها.. واليوم تتمنَّى أن تحمل ابنتها اسم تلك التلميذة النجيبة. كانت الصلاة تسكِّن هواجسها ومعاناتها، لكن أملها ظلَّ معلقاً بأطفالها وبأنهم سيعيشون أفضل. عدد من جاراتها وقريباتها الأصغر سناً، اللائي تزوجن حديثاً، كن لا يتحرجن من إظهار التبرم والضجر من هذه الحيطان، ولكنهن كن حريصات أن لا يصل كلامهن إلى الأزواج.
    مع شروق الشمس أنجبت مريم هارون بنتاً فاجتمع في بيتها رهطٌ من النسوة يتناقلن أخبار الانتفاضة. كن يشعرن في قرارة أنفسهن بأنهن قابعات هكذا خلف الحيطان. حتى الانتخابات التي تجرى في أوقاتٍ متباينة، يشارك فيها فقط بعض رجالهم وفتيانهم. لم يطلب منهن أحد المشاركة، ولا خطر على بالهن!! مريم هارون ألقت نظرة حانية على طفلتها وقالت في نفسها: ((أهل الخرطوم خرجوا إلى الطرقات لإسقاط الحكومة، ونحن ماذا سنفعل؟ إننا نحترم أزواجنا وكبارنا، وهم يعاملوننا بالحسنى ولكن.. هل أُحدِّث النساء ليجمعن كلمتهن، ويطلبن من أزواجهن السماح لهن بالمشاركة في مناسبات البلدة؟ إذا فعلت ذلك فلن يستجيب أحد، ربَّما واحدة أو اثنتان، ولكن إلى متى تتطاول هذه الحيطان!؟))..

    □□□
    كتبت هذه الرواية في:
    باو، كادوقلي، ملكال، الكوة، الخرطوم.
    أغسطس 2004 - يوليو 2006

    أحدث المقالات
  • تقرير المصير لشعب جبال النوبة حق مشروع بقلم توتو كوكو ليزو
  • هل سينفذ البشير ما طلبه السيسى عبر غندور!! بقلم عبد الغفار المهدى
  • شروط الثورة بقلم الحافظ قمبال
  • مذبحة الجنينة اكبر دليل علي ارتكاب الحكومة ومليشياتها لجرائم حرب وابادة في بقلم د محمد علي الكوستاوي
  • ورقة سياسية امنية في ذكرى اغتيال القائد المؤسس صلاح خلف ابواياد بقلم سميح خلف
  • تجفيف منابع الإرهاب ضرورة تاريخية ومرحلية... بقلم محمد الحنفي
  • الحزم يا حازم ..!! بقلم الطاهر ساتي
  • وشهد شاهد من الوطني..! بقلم عبد الباقى الظافر
  • لتصير (الرئيس) !! بقلم صلاح الدين عووضة
  • قلنا - ولكن بقلم أسحاق احمد فضل الله
  • بين قضية سنار ومنظومة العدالة بقلم الطيب مصطفى
  • حسم الذهنية الإقصائية أم حسم الإعلام؟! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • مجـزرة بشـريــة في مـدينـة الجنينـة - وتشكيل لجنــة تقصي في حـرق ممتـلكـات امانـة الحكـومة ومنـزل ال
  • أحداث الجنينة : التحقيق فى ماذا؟ عُنف الدولة أم حرق المنشآت ! بقلم فيصل الباقر
  • العيب ليس في المذاهب المختلفة يادكتور بقلم نورالدين مدني
  • موسم الدجل الجمهوري لا موسم البشارة النبوية! بقلم محمد وقيع الله
  • الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (80) حواجز القتل وبوابات الموت بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
  • ازمة الفضاء العربي المأزوم بقلم سميح خلف
  • الدجاجة من البيضة يا زراعة غزة بقلم د. فايز أبو شمالة

(عدل بواسطة بكرى ابوبكر on 01-18-2016, 07:52 PM)
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de