بعيداً عن التحليل السياسي لحال الشارع السوداني اليوم ، الذي أصبح عبارة عن مشاهدات يومية ميدانية بالغة الوضوح وسافرة الدلالات ولا تحتاج إلى تحليل إلى شرح ، و في ذلك لم يبقى للجميع سوى الإنتظار والترقُب ، غير أن مجريات ما آل إليه أمر التاريخ ومجريات الطبيعة الكونية أن الحق طال الزمان أم قصر سيكونُ نافذاً ومنصورا ، ما يشُد إنتباهي ويدهشني أن هذه الثورة الشارعية المجيدة يقودها الشباب اليُفع من الذين وُلدوا ما بعد حقبة الإنقاذ ، والذين كنا نظن نحن جيل إنتفاضة أبريل المجيدة أنهم قد فاتهم قطار الوعي السياسي وأنهم قد غُيِّبوا عن الإحساس (بمتعة) النضال والتعبير عن الذات وهمومها وآمالها وطموحاتها ، ولكن يبدو أنهم كانوا خلسةً ومن خلف الكواليس يقاومون مد التضليل والتجهيل والتعتيم على تاريخ هذا الأمة المرصَّع بلآليء من قصص وحكايات النضال والتضحيات من أجل الوطن والعِزة والكرامة ، هؤلاء الشباب والشابات رأيت في أعينهم بريق الأمل ، وشارات التفاؤل والفرح بما يفعلون ، فضلاً عن بوادر الإرتياح التي تشوب كل من عانى مرارة الكبت وعدم القُدرة على التعبير عن الذات ، لذا فإن هذه الثورة بكل المقاييس ثورتهم ، وكاذب من يقول أن حزباً أو تنظيماً ما يقف وراء إشعالها وتحريكها ، فالشباب اليوم يسجلون وجودهم على بؤرة المعاناة ويسجلَّون صدق إحساسهم بما تعانيه سائر فئات الشعب السوداني من مرارات ، ويسجِّلون أيضاً أنهم على قمة الوعي السياسي والمعرفة والإدراك بأسباب التدهور العام الذي يعانيه الوطن ، هم على علم بفساد معظم منظومة نافذي الدولة ، ويعلمون كثيراً عن عجز القيادة لأسباب تتعلَّق بموازنات إستقرار ودوام الحكم عن ضرب الفساد والفاسدين بيد القانون الفعَّالة ، ويعلمون كذلك الكثير عن ثراء هذه البلاد وإمكانياتها التي لا تنضب وكيف يتم تسخيرها لصالح الإستقرارالأمني للنظام الحاكم على حساب التنمية وطموات بسطاء السودانيين وضعافهم في الحصول على العيش الكريم ، أحمد الله تعالى أن مد في أعمارنا ورأينا هؤلاء الشباب والشابات يتسابقون لإقتلاع حقوقهم وحقوق ذويهم بإسم العدالة والمساواة والنماء المستدام لهذا الوطن الذي يستحق ، الآن نطمئن أن هذه البلاد سيظل خلفها رجالٌ ونساء لن يُفرِّطوا في آمالهم ولا آمال أوطانهم بإسم الحق والقانون والدستور ، وتأكدنا والحمد لله أنهم خرجوا من دائرة ظلامية المستقبل و(شرك) التجهيل والإبعاد عن المشاركة في صناعة وصياغة تاريخ هذا الوطن إلى رحاب نور الحرية والعدالة والحق المنير ، لله درهم ما أشرقت شمس الحق في السودان ، وما رفرف علم الوطن في سماء الحرية ، وما ظلت تجود به هذه الأرض من خيرات ومرات وثروات لن تنضب .. (محروسة يا بلد الشباب).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة