توقف صديقي بسيارته أمام ملجأ الأيتام.. ودعاني للدخول ليعرف اجراءات التبني. لقد رفضت بذعر .. أخبرته أنني لا أرتاح عند رؤية مجموعة من الأطفال يحكم عليهم الشعب بالاعدام المعنوي ويسميهم أبناء حرام. إنني أفضل رؤية من يتم ذبحه من رقبته على رؤية هؤلاء وهم مجتمعون في مكان واحد وعيونهم الواسعة البلهاء لا تعي سجنها داخل الخزي الأبدي بلا جرم. أخبرني بأنني لن أراهم بل سنذهب للإدارة ليعرف اجراءات تبني طفل...لكنني رفضت بحسم.. لأن المسألة أعمق من ذلك.. إننا نادرا ما نقبل الدخول إلى المقابر ... حتى ولو عابرين عبورا عارضا إلى الجهة الأخرى. لا شيء مقدس مثل حياة لا نتخيل فيها موتنا أو ميلادنا من سفاح في مجتمع كريه وجاهل. في قبائل أفريقيا التي تعتبر خارج الحضارة توهما ؛ وعندما تنجب إحدى الفتيات من غير زواج يصبح الولد ابنا لكل أبناء القبيلة ، وهكذا ينال الوليد شرف الحماية والتقدير الجماعي. أليس من المؤسف أنه لا زال هناك من يقول أن ابن السفاح لا يدخل الجنة وأن ابن الزنا أشر الثلاثة أي أمه وأبيه ؛ معتمدا في ذلك على رواية بمسند ابن حنبل والدرامي وغيرهما. إن الأمر لا يحتاج لتأويلات فمثل تلك الأحاديث موضوعة لا محالة... إن نوجد في مجتمع يعاني فيه جميع أفراده من جهالة بعضهم البعض ، العنصرية ، والتدمير ؛؛وترصد الأخطاء ، والتشويه والشيطنة ، واحتقار الضعيف ؛ وتملق القوي...اولئك الذين كانوا صامتين دهرا هم أول من يستلون سكاكينهم عندما تسقط البقرة. إنني لا ألوم صحافيا كالهندي عز الدين ؛ إن الهندي ليس متسلقا ولكنه يحتقر هذا المجتمع فيعامله بأقصى أساليب الاحتقار... يشتم من يسقط عن كرسي السلطة ويمدح من يستوي على العرش ثم يشتم هذا الأخير عندما يسقط ويتملق الجديد ، إنه مع ذلك ليس متملقا إنما هو يعتقد أن أسلوبه هذا هو وسيلة النجاح الوحيدة في هذا المجتمع .. أن تعرف كيف تشتم وتمدح في الوقت المناسب. لقد كان الصحفي الاعيسر أول داقي طبول المديح والتلميع لتجمع أولاد قوش فلما تم تهميشه انقلب عليهم فاختاروا كلبا جديدا للنباح. اولئك الذين كانوا يضعون صور الأصم والمذيعة مقارنة مع علي عثمان وسمية أكد ويزعمون أن الحكومة الجديدة لن تكون سوى حكومة موديلات مسابقات الجمال ، ذهبوا إلى دارفور التي باعوا قتلاها (لا يسمونهم شهداء) بثمن بخس وبعد غد سيذهبون لأهل سمية أكد نفسها في شرق السودان لكي يقنعوهم بأنهم أحط شأنا وأدنى مرتبة من مشاركتهم في إدارة دولتهم. والشعب يهلل لهم كما هلل للترابي وهو يزوج الحور العين لقتلى الجنوب حتى انقسم. والراهن يشي بمزيد من التصدع والانقسام. إن كل شيء هنا لحن قبيح ونغمة شاذة عن منطق العقل الإنساني السوي. كل هذا الشعب يحاكم بعضه بعضا ناشرا لحمه العفن المقدد بمجسات الذباب... إن الحقيقة متروكة لتقدير كل شخص.. ولذلك فالحديث حول اللقطاء أمر لا جدوى منه.. فكل الشعب يعاني مما يعانيه اللقاطة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست