يبدو ما ذهب اليه الصادق كوكو بان هناك أيادى عفاريت وابالسة وذهينة شيطانية تدير هذا النزاع من وراء الكواليس بين قومية النوبة و قبيلة البنى عامر. لماذا اصبح التعايش السلمى بين النوبة والبنى عامر فى بورسودان امراً شبه مستحيل نتيجة لهذا النزاع الذى اصبح يتجدد بينهما من وقت لأخر. متى سيتم احتوائه نهائياً ؟ كلها اسئلة تحتاج الى اجابة قاطعة. اننى اعراف قبيلة البنى عامر المعروفة بالخاسا معرفة تامة عندما كنت ادرس بالمدرسة الميرغنية الثانوية العامة بكسلا. فقد كانوا معنا فى المدرسة ابناء هذه القبيلة ولكنهم كانوا فئة قليلة مقارنة بالاعراق الاخرى او القبائل الاخرى. هذه التجربة اعطتنى الفرصة الكبيرة لكى اتعرف على مكونات كسلا بما فيهم البنى عامر المنحدرين اصلاً من مرتفعات اريتيريا. دخلت قبيلة البنى عامر السودان فى اوائل القرن الماضى نتيجة للفقر والجهل والمرض وكذلك الحرب الاريترية والاثيوبية وقتذاك زاد من تتدفق القبيلة الى السودان هرباً من ويلات الحرب ووجدت القبيلة المأوى الامن والسلام فى السودان. وانتشرت هذه القبيلة بين بورتسودان والقضارف ولكن كسلا حملت الاغلبية العظمى من القبيلة فى جبل مكرام خلف جبل توتيل وايضا حى الشعبية. البنى عامر من ضمن الشعوب التى لاتساعدها خصائصها البشرية فى مدافعة القتال او الاستعباد نتيجة للاحجام الصغيرة والضعيفة. ولكن معرفتى الشخصية بالبنى عامر رغم صغر سنى فى تلك المرحلة من مراحل التاريخ مسالمين او ميالين الى السلم اكثر من العنف والاقتتال. لم ارى نزع ولم يقع اى نزاع بين قبيلة البنى عامر مع احد القبائل السودانية الاخرى التى تقطن كسلا وحتى قومية النوبة. لقد كنت ازور جبل مكرام معقل القبيلة مع ابناءهم زملاء الدارسة وكما كنت اذهب احيانا مع خديجة يسين الشغالة معنا الى منزلهم . لا احبذ كلمة خدامة او خادمة لانها كانت مساعدة فى المنزل فى الطبخ والغسيل والنظافة كانت تكبرنى بخمسة سنوات وكما كانت لها شقيقة اسمها رقية يسين تعمل مع قربى فنى او اخصائى العيون بمستشفى كسلا لا دعى لذكر اسمه. العشرات والعشرات من بنات قبيلة البنى عامر يعلمن فى منازل الموظفين والدكاترة والمهندسين والتجار وغيرهم من اصحاب المهن الاخرى كما قلت بان قبيلة البنى عامر فقيرة الى درجة لا يمكن تصوره تعانى قبيلة البنى عامر من فقر مداقع. لا يرسلوا ابناءهم الى المدرسة لكى يتعلموا الا القليلين جداً. يا حبذا لو كان لكل اسرة بنت او بنتان او ثلاثة او حتى اربعة بنات ستعيش الاسرة حياة كريمة. لان البنات سيعملن فى البيوت وكل واحدة منهن لها اجر فى نهاية الشهر لا علم لى كم تتقاضى الشغالة او الخدامة فى الشهر. ولكن المنطق يقول اذا كان لكل اسرة بنتان او ثلاثة ستكون الاسرة على خير وبركة. قبيلة البنى عامر ضحية الطائفية الختمية الميرغنية كما سائر قبائل شواطى النيل فى شمال السودان وقعت هذه القبائل فريسة الختمية والميرغنية عندما خضعت قبيلة البنى عامر ومعها قبائل شمال السودان الى الذل والهوان كما قال شوقى بدرى اليوم فى السودان يقع اغلب الشعب تحت نير العبودية الاختيارية وياخذ المتعلمون انصاف المتعلمين الاغبياء ابناءهم لكى يقفوا فى طوابير طويلة لكى يقبلوا ايادى المراغنة هذا اكبر عملية احتيال تمارس على شعب. لا يشاركنا شعب اخر فى هذه المهزلة وحتى زعماء الحزب وبينهم البروفسرات وحاملى الشهادات العليا يتسارعون للثم يد الميرغنى. ويدفعون المال. وقديما كان الناس يهدون ابناءهم وبنتاهم للمراغنة. ويعطونهم اجود ثمارهم واراضيهم الزراعية ويتضرون من الجوع والفقر والمرض. اذا لم يكن هولاء بالعبيد فهم اسوأ من العبيد. العبد تواق للحرية والانتعاق ويموت فى سبيل الحصول عليها. وهولاء يتنافسون ويجتهدون فى وضع القيود على اعناقهم وعلى وجوههم البلاهة. أغلب اهل الشمال يبحث عن سيد وزعيم او شيخ لكى يسلموه رقابهم. ما ذهب اليه شوقى بدرى انه هو الذى حدث لقبيلة البنى عامر بكل تفاصيله. عندما دخلت السودان فى اوائل القرن الماضى استغلتهم الطائفية الميرغنية القبيلة ودفعت القبيلة كل ما تملك من الاغنام والمواشى والحلل والمجوهرات التى كانت بحوزتها لدى دخولها السودان الى المراغنة طائفية الختمية و دفعوا ايضا ابناءهم وبناتهم الى المراغنة. كما خدعوا القبيلة عندما قالوا بان قبيلة البنى عامر عربية. ولكن فى الحقيقة ليست قبيلة عربية بل لها لهجتها الخاصة بها بعيدة عن العربية. يطلق على قبيلة البنى عامر الرطانة او الخاسا. القبيلة كلها تحت سيادة المراغنة كما سائر قبائل الشمالية ووالوسط. السؤال الى متى ستبقى هذه القبائل تحت العبودية الاختيارية. شعب النوبة شعب مسالم لايعرف القبلية ولا الجهوية ولا العنصرية حقيقة لا يشق لها غبار. ولكننى اقول لابد من قطع الطريق على من يريد استثمار ذلك فى اشعال الحرب والفتن بين شعب النوبة و قبيلة البنى عامر بسبب الرواسب فى الاذهان المريضة المشبعة بالحقد والكراهية. لا مجال للعاطفة فى تحديد سياسة المسوؤلية انما الحزم كل الحزم والرأى وكل الرأى فى الحرص على ما ينفعنا كأمة وليس كتنظيم او جماعة او تيار متطرف محمل بالحقد والكراهية ضد الاخرين. تفجرت هذه الاحداث اكثر من مرة. السؤال هل سنترك النزاع يستمر دون احتوائه الى الابد. فى بورسودان واستقراء به لمالات الحال اذا استمرت الاحداث كما هى عليه فعلى رئيس مجلس السيادة الفريق اول البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك ان يدركوا وحدة الوطن وابقاء كيانه قوياً موحداً. حرية سلام وعدالة شعارات الثورة الشعبية لا تدسوا عليها.انه السودان الجديد دولة القانون .
أختصاصى فى حقوق الانسان والقانون الاوروبى 26/8/2019
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
سليم عبد الرحمن دكين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست