بعد التدهور الأمني الذي شهده العراق في الآونة الأخيرة بسبب ارتفاع وتيرة عمليات الجرائم المنظمة وذلك لغياب الدور الحكومي في حفظ الأمن و الأمان للمواطن الذي بات يتهدده الخطر من كل حدب ، و صوب ، وهذا الوضع المزري ، و الخطير قد أثر سلباً على واقع الحياة الاجتماعية في بلدٍ كان بالأمس يتصدر قائمة البلدان الأكثر أمناً و أماناً ، و الانخفاض الكبير في مستويات الجريمة المنظمة ، فالعراق يمتلك أولى المسلات ، و اللوائح القانونية ، و أكثرها تطبيقاً لقوانين دساتيرها الوضعية فضلاً عن السماوية ، و اليوم و بفعل التقاعس الحكومي المخزي ، وانعدام الخطط الأمنية الناجعة ، و فقدان الدولة لهيبتها ، و عجزها عن بسط سطوتها في مختلف أنحاء البلاد ، بل و حتى في وسط بغداد ! و خير دليل على ذلك قيام المليشيات الإجرامية التابعة لأحد رموز السياسة البارزين ببيع قطع أراضي سكنية تعود ملكيتها للدولة وعلى مرأى و مسمع حكومة بغداد ، وفي عودة لمحور مقالنا نجد أن الأمر يزداد سوءاً ، و تعقيداً ، ونحن نرى الكثير من العائلات البغدادية قد غادرت العراق ؛ بسبب الانتشار الواسع ، و المخيف لعصابات الجريمة المنظمة ، و التي تعددت عناوينها لكن وحدة الهدف يجمعها ، وهي الحصول على الأموال ، وبأي شكل من الآشكال حتى أصبحت و كأنها مهنة يحترفها الكثيرون من المشردين ، و العاطلين عن العمل خاصة شريحة الشباب الذي بدأ يشعر باليأس ، و يفقد الأمل شيئاً فشيئاً ، و بالتالي أخذ يفكر في كيفية الحصول على الأموال اللازمة لسد رمق العيش وسط غياب دور الدولة الفعال في الاستفادة من خبراتهم ، و طاقاتهم الإبداعية ، ومع تلك المآسي ، و الويلات فقد وجد الشباب ضالتهم في الانخراط ضمن جماعات مسلحة تمارس شتى عمليات الخطف ، و السلب ، و النهب ، و السرقة ، و الابتزاز و السطو المسلح في مسلسل يراه الموطن يومياً ، فإننا ومن هذا المنطلق الخطير نجد أن الأسباب التي تقف وراء ضياع مستقبل شبابنا ، و انحرافهم عن جادة الصواب ، و ميلهم الشديد لتعاطي المخدرات و الإدمان على شرب الخمور ، و ممارسة أعمال العنف ، و السرقات المالية ما هو إلا بسبب آفة الفساد التي تضرب بالعراق نتيجة افتقار قياداته السياسية الفاسدة و مرجعياتها القديسة إلى الحنكة و التخطيط الأمني الناجح ، و التي بفضل فشلها الذريع ، و سوء إدارتها فقد أعادة العراق إلى نقطة الصفر رغم أنه بلدٍ ثري بكل ما تعنيه الكلمة ، ومع ذلك فقد عاث فيه الفساد و الفاسدون بمختلف مسمياتهم ظلماً و جوراً ، فانعدم فيه الأمن ، و الأمان ، و أصبحت الحياة فيه صعبة و لا تُطاق في ظل تلك الظروف القاسية بسبب كثرت الجرائم المنظمة وسط صمت الحكومة ، و عجز أجهزتها الأمنية ، و عيون استخباراتها القوية عن القيام بدورها على أكمل وجه في الحد من خطر العصابات الإجرامية ، و القضاء على بؤر زمرها الفاسدة من جهة ، و توفير فرص العمل و مصادر الرزق الكريم لشريحة الشباب من جهة أخرى عندها فقط يكون العراق خالٍ من الجريمة المنظمة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة