|
|
 قصة قصيرة ( في رؤية عن المفتري زعيم البلد رقم (1)
|
| | | Inbox
قصة قصيرة ( في رؤية عن المفتري زعيم البلد رقم (1)
في ليلة من الليالي استيقظ الحاكم من نومه مفزوع مرتعد وأرتفع صوته يخرق جوف الليل الهادي يصيح يا حارس يا إنسان يا أنت يا فلان:
لبى الحارس النداء فإذا بالحاكم يأمره بالذهاب إلى بيت الشيخ الورع يستدعيه للحضور إلى منزل الحاكم وسرعان ما وصل الخبر إلى الشيخ جاء الشيخ مسرعاً ومازال الحاكم منهك ويتصبب عرقاً من هول كابوسه.
سأله الشيخ ما بك أيها الزعيم المبجل هل حدث شي في أركان الحكم؟
ابتسم الحاكم ساخراً قائلا في سره الحكم هو همك ثم قال الحاكم وقد بدأ يستعيد أنفاسه رأيت رؤية مفجعة يا شيخ
قال الشيخ اللهم اجعله خيراً أحكي لي رؤياك لعلي أستطيع تأويل بعضها
قال الحاكم رأيتني أذبح عنقي بيدي والدم يغمر ثيابي وأريد أن أوقف عملية ذبح نفسي بيدي عبساً لم استطع وأحسست بالسكين في عنقي تعمق فيه جرحاً وفجأة رأيتك أمامي أو شخص كأنه أنت وظننتك تساعدني في وقف ذبح نفسي وإذا بك تمسك بيدي وتشد بها تعزز وتساعد في ذبح عنقي وشاهدت بأم عيني إني أنزف دماً غزيرا يعبر يدك اليمنى يصبغ كم جلبابك الأبيض، ثم رأيت كأنه شلال من الدم الأحمر ينحدر نحو الوادي ورأيت الشمس آفلة كأنها تنزوي ويغيب ضوءها ورأيت شعري يشيب من شدة الخوف بينما أنت تعود إلى أيام شبابك وأخر الأمر رأيتني استسلم لك ونظرت من خلال جسدي شخص عاري كما ولدته أمه وقلب ميت لا ينبض وجسد يمشي على الأرض وإذا به يحمل رأسي بين يديه ويتراء لي بأنه أنا وتارة أرى شخوص عدة أربعة أو أربعون أجسادهم تتغاير ما بين إنسان وحيوان مفترس، ورأيت عزة عليها ثياب بالية ممزقة يكاد تظهر أفخاذها وهي تمشي تتهادى تائهة هائمة على وجهها غطاء الغبار أقدامها تضرب على صدرها كالغوريلا مغتاظة تحاول أن تلملم ثيابها لتغطي سوءاتها، وفجعت ممن نومي ونهض بعد مجادلة صارت بيني وشخصين أحدهم وجهه يشع نوراً يقول لي أنهض واستعذ بالله من الشيطان الرجيم وبادر بالخيرات، ولا تنسى أنك مطلوب إلى المحكمة الكبرى يوم الجمعة، ورجل آخر له وجه كالح مخيف عيناه حمراء وأذنيه كبيرتان كأذان الحمار يقول لي لا تنهض لا تنهض حتى تتطلع الشمس ويأتيك النور لأن الفأس مسلط على رأسك ولكني حاولت أن أنهض على الرغم من ذلك ولكن وجدت نفسي موثق بحبال على السرير لا أستطيع أن أنهض وأحسست بأن ذلك الرجل يضمر لي شراً.
وها أنا ذا اطلب منك أن تفتيني في رؤياي تلك،*
حملق الشيخ فقال بصوت بارد ماذا أكلت قبل أن تخلد إلى النوم؟
ابتسم الحاكم في غير عاداته فقال ساخراً ماذا تريد أن تقول؟ ولكني لا أدري ماذا أكلت في العشاء واستدرك قائلاً أظن أني أكلت فول وطعمية:
قال الشيخ مازحاً أنه كابوس وعلى كل حال سنحاول تحليل رؤياك تلك.
أما السكين التي تذبحك فهي السلطة التي بين يديك أو هي السلاح الذي تستخدمه ضد أعدائك فأنه راد إليك وستنال نصيبك منه ؛؛ نسأل الله أن يجعله خيرا والدم الذي رأيته على ثيابك هو دم الأبرياء الذين ماتوا ظلماً وقد كنت أنت السبب في ذلك وربما كنت لا تعلم أنك أنت سبب في إراقة الدماء نقصد بين أبناء عزة المساكين منهم يمينك وشمالك إذا وقفت للصلاة.
وشلال الدم الذي رأيته ينحدر نحو الوادي والشمس الآفلة ذهاب مجدك بلا عودة وعدم تركيزك لتبيان بعض الأشياء دليل على توشوش عقلك وعدم التمييز وأنك لا تحسن الحساب
وكونك تحاول منع ذبح نفسك بيدك ولم تستطع فأنت تقول كلاماً يسري بين الناس ويقبلونه برضى لما فيه من الخير لهم ويبث في نفوسهم الأمن والطمأنينة ولكنك تفعل غير ما تحدثت به مما يعني أنك تستغفل الناس وتستخف بعقولهم وأما الشخص الذي رأيته يشبهني وهو يساعد يدك في ذبح عنقك أكيد أنه ليس أنا ولكنه قرينك الشيطان عفواً قرينك الذي مثله لك خيالك بأنه أنا، فقاطعه الرجل المتسلط بقوله هل لدي قرين شيطان وكيف ومن أين أتيت بهذا الكلام يا شيخ؟
رد الشيخ ببرود أعصاب قائلا لا تنزعج من هذا الكلام أنه مجرد تفسير أحلام وأن مثلك ليس له قرين وكما ترى أني عدلت عن ما قلت فأعذرني أيها المبجل.
فواصل الشيخ في تفسير الحلم، وأما الشخص العاري الذي رأيته خلال جسدك فهذا يعني عيوبك التي ظهرت وتكشفت للعيان وأصبح جميع الناس يعرفها ويتحدث بها، وأما رأسك التي رأيت أنك تحملها بين يديك دلالة على غيبة العقل وإدعاء المعرفة والفهم والتفاخر بذلك دون غير وعزة التي شاهدتها هي بلدك ولقد ضاق بها الحال وهي تضرب على صدرها من الغيظ متضايقة منك وأفعالك ولقد جثمت على صدرها ولا ترغب في الإقلاع عنه، والشخصين أو الشخوص أي كان عددهم هم الطيب والخبيث وكان عليك أن تختار ولكنك اخترت الخبيث منهم: وهنا انفجر الحاكم ضاحكاً وهو يقول غريب كأنك يا شيخ تريد أن تحملني ذنباً لم أقترفه وكل بلوى تسرح في هذا الليل البهيم سامحك الله يا شيخ فأردف الرجل يحلف يقول على الطلاق كما تعود لسانه، فقاطعه الشيخ قائلا له لا تقل على الطلاق وقل والله.
فمضي الحاكم المتسلط يقول على العموم أنت أفتيت حسب مزاجك وأنا بصراحة قبلت ببعض ما جاء في تفسيرك لرؤياي وما تجاوزت به عن نفسك نائياً بها فوق الشبهات متبرئا من جرم قد تكون أنت سبب رئيسي في أحداثه أنا لست وحدي على هذا الفراش أقصد في هذا البلد كلنا قد أجرم في حدود المنفعة وأنت تعلم نحن في حرب مع أهل عزة والغاضبون منا كثرلأننا اختطفناها دون زواج شرعي وهي لا تحل لنا كما يعزم الناس ولكن نحن لنا قناعة بأن بعض الأشياء لا تأخذ إلا بالقوة وكذلك لا ترد إلا بمثله وأهدافنا كبيرة فلابد من تضحيات :
شعر الشيخ بأن الحاكم تضايق من كلامه فأردف يلطف الجو فقال بأسلوب رقيق المسألة كلها حلم وخيال وليس هناك حقيقة وأن كنت،،
قاطعه الحاكم قائلاً لنعتبر كل ذلك مزحة ولا تنشغل بها ولكن خلها في سرك ولا تأنس بها أحد من مجالسيك أنا أعلم أن بعضكم يضيق صدره ويجد انشراحه عندما يتلذذ لسانه بالغيبة والنميمة وإياك أن تحكي هذه المسرحية للجمهور أو حتى لو اختلقت من عندك فرية بأن بطلها كان مغواراً لا تحدث بها أحد قط .
هنا بدأ الشك يتغلغل في صدر الشيخ وبدأ ينشا حاجزاً بينها والحاكم وقال الشيخ على الطلاق هنا قاطعه الحاكم قائلا له لا تقل على الطلاق بل قل والله العظيم ضحك الشيخ وقال رديتها لي كانت ضائعة وأعدتها.
في تلك الآونة بدأ الصبح ينبلج فلملم الشيخ عبأته معتذراً منصرف إلى حيث أتى.
محمود جودات علي
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست