*أنتقل إلى رحمة الرحمن الرحيم زميلنا الصحافي السوداني الكبير ألقريد تعبان الذي عرفته عن قرب قبل أن تفرقنا السياسة اللعينة التي قسمت السودان إلى دولتين، كان وقتها قد أسس صحيقة خرطوم مونيتر Khartoum Monitor التي رأس تحريرها. *ظل ألفريد وفياً لمهنته ورسالته الصحافية ودفع ثمناً غالياً من سلطة "الإنقاذ" وجهاز أمنها الذي ظل يتدخل بصورة سافرة مباشرة وغير مباشرة في الأداء الصحافي، ودخل بسبب مواقفه الشجاعة المعتقل أكثر من مرة وتعرض للملاحقات الأمنية ومصادرة الصحيفة لكنه لم يهادن ولم يتراجع عن مواقفه الفكرية والمهنية. *لم تنقطع علاقتي به بعد إنتقاله ألى دولة جنوب السودان حيث حول إسم الخرطوم مونيتر إلى جوبا مونيتر Juba Monitor وكنت أحرص على لقائه عندما أزور جنوب السودان، وتعمقت علاقتي به أكثر عبر جمعية الأخوة السودانية الجنوبية الشماية التي كان يرأسها أستاذنا محجوب محمد صالح متعه الله بالصحة والعافية، وكانت لنا لقاءات بين االصحافيين في دولتي السودان في جوبا ونيروبي. *كنت أسأله مداعباً كلما ألتقي به : إنت لسه تعبان؟ فيجيبني بإبتسامته الناطقة وكانه يقول : تعبان جداً، وظل حتى بعد إنتقاله لدولة جنوب السودان يواجه ذات المشاكل والملاحقات التي كان يتعرض لها في السودان نتيجة لعدم الإستقرار في دولة جنوب السودان وإشتعال الخلافات والنزاعات المسلحة بين رفقاء السلاح في الحركة الشعبية الحاكمة بسبب تفاقم الصراعات القبلية القديمة المتجددة. *ليس المجال هنا مجال الحديث عن أسباب تفاقم هذه الخلافات والنزاعات المسلحة في جنوب السودان لكن لابد من الإعتراف بأن جذورها قديمة نتيجة لعوامل معروفة لكنها تفاقمت بسبب التدخلات المسمومة من سدنة الحكم السابق في السودان التي أسهت في دفع السودانيين في الجنوب للإنحياز لخيار الإنفصال. *للأسف هذه الخلافات القبلية التي كانت قد تراجعت بصورة واضحة في السودان قبل ان تؤججهاأجهزة الحكم السابق مثل الفتنة المجتمعية التي أججوها في دارفور عبر تصنيفات إبتدعوها مثل الصواع بين "العرب والزرقة" .. وإمتدت مؤامرات إفتعال الخلافات الفوقية بين مجموعات متصارعة بين"شوايقية وجعليين" الأمر الذي لابد من معالجته بعد إنتصار الثورة الشعبية وإسترداد العافية الديمقراطية والإنسانية في سودان يسع الجميع. *رحم الله أخي وصديقي ألفريد تعبان الذي ترك بصمته في الصحافة السودانية وفي المجتمع وسيظل دوره الإيجابي ملهماً ومرشداً لنا في مسيرتنا الهادفة لإعادة إعمار العلاقات بين الشعب السوداني في الدولتين، بل نطمح في عودة السودان التليد كما كان قبل أن تتسبب السياسات الأحادية والإقصائية في تقسيمه لدولتين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة