حتى إطلاعنا على إعلان قوى الحرية والتغيير أمس الأحد 21 أبريل عبر المؤتمر الصحفي الذي إنعقد بالقيادة العامة ، كانت الشائعات تترى حول أوجه الإختلاف الحقيقية ما بين تجمع قوى التغيير والمجلس العسكري الإنتقالي ، أنا شخصياً ولكثرة ما دار في الأوساط الإعلامية من أخبار متعلّقة بإستمرار فعاليات التفاوض بين الطرفين كنت أعتقد أن وجه الخلاف الحقيقي هو حول هيكل الدولة الجديد المقترح من قوى الحرية والتغيير ، وخصوصاً الجزئية المتعلِّقة بإعتماد مجلس سيادة فيه أغلبية للمدنيين وتمثيل عسكري محدود ، وما يطرحهُ ذلك من تساؤلات عدة حول مصير المجلس العسكري كمؤسسة تمسك بزمام الأمور حالياً ومدى تقبُّل العسكريين لأمر حلها أو إدماجها في الهيكل المقترح عبر تجمع قوى الحرية والتغيير .
أما الآن وقد إتضح وجه الخلاف الحقيقي والذي يتمثَّل في المؤشرات التي لمسها وفد تفاوض تجمع الحرية والتغيير عبر آراء وتوجهات المجلس العسكري وما تقوم به لجنته السياسية التي يرأسها عمر زين العابدين من إتجاهات إلى (مساواة مُطلقة) بين قوى التجمع والقوى السياسية الأخرى التي شاركت في تأسيس النظام وصناعته أو تلك التي وضعت يدها معه أثناء مسيرته الظالمة والمدمِّرة للبلاد والعباد على مدى الثلاثين عاماً التي مضت ، ودعوتها والتحاور معها من نفس المنطق والأسباب والقناعات التي يتبنَّاها المجلس العسكري مع قوى الحرية والتغيير ، فذلك بالنسبة لي على المستوى الشخصي ليس إلا صياغة جديدة لمقولة الرئيس المخلوع عمر البشير الزائفة (الوقوف على مسافة واحدة من الجميع) .
وإذا كان المجلس العسكري الإنتقالي يقصد ما تم ذكره أعلاه فعلياً ، يبقى السؤال المطروح هو (ما فائدة الثورة وما هي المكتسبات التي إنجازها ؟) ، حسب إعتقادي لا شيء يذكر في هذا طالما أن المجلس العسكري ينظر إلى الجلاد والضحية بنفس الرؤية وتحت ستار ظالم ومُشين واجهته الكاذبة هي المساواة والحِياد ، وهل كان الرئيس المخلوع والنظام البائد المدحور يفعل غير هذا ، وهل كان في أوج جوره ودمويته ومواجهته للشعب يتوقف عن رفع شعار الحياد والحوار من أجل إشراك الآخرين ، لن نقبل أبداً بأية تسوية لا تتمايَّز فيها الصفوف بين من تدنسَّت أيديهم بمصافحة النظام البائد وبين الشرفاء الذي لم يبارحوا ساحة النضال والتضحية بالأرواح ومصالحهم الشخصية ، كل ذلك نضعه بين قوسين و تحت شعار (لا إقصاء) ولكن بعد حين ، لأن نفس الأسباب التي جعلت من المجلس العسكري الإنتقالي قادراً على إستيعاب فكرة تجميد مشاركة حزب المؤتمر الوطني إلى ما بعد الفترة الإنتقالية ، هي في الحقيقية كافية لدعم المبررات المنطقية التي تدفعه إلى تأجيل مشاركة (أحزاب الإنبطاح) في ما يدور الآن من تحوَّل وتغيير إلى ما بعد إعداد الدولة للدخول في مرحلة الإنتخابات الديموقراطية ، هذا الشعب لا ينسى كما هو حال التاريخ الموثَّق ، ولا مجال لإجلاس أم الشهيد ومن إشترك ولو بالصمت المحايد في قتلهُ في ذات المقعد ونفس المستوى التفاوضي ، أكاد الآن أن أتجاوب مع توجساتي المتصاعدة من ما يُخطِّط له المجلس العسكري الإنتقالي .. كونوا على الموعد ولا نُصرة إلى للشعب الذي توسَّد ثرى الشوارع .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة