استغرب جداً في من يتوقعون أو يطلبون الإنحياز إلى الشارع أو حتى مجرد الوقوف على الحِياد من مجموعة الإذاعات والقنوات الفضائية السودانية والكثير من الصحف ، والتي يعلم الجميع أنها جميعاً إلا قليل لم تُؤسس إلا لتكون أبواقاً تهتف بإسم المؤتمر الوطني في ولوجه إلى الباطل قبل إلتفاتاته الخجلى إلى الحق أحياناً ، من الذي يستطيع مادياً أو حتى إجرائياً أن يحصل على ترخيص أو تصديق لتأسيس إذاعة أو فضائية في السودان ؟ دون أن يكون له سند من أهل السطة أو شريكاً يتخفى من وراء ستار ، هذه الدولة لا تؤمن أصلاً بحرية التعبير ولا التعدد الفكري والثقافي ولا تقوى على مُجابهة الآراء المغايرة ومقارعتها بالحُجة والمنطق .. كيف يتوقع الناس أن يخطئوا خطأاً جسيماً يتمثَّل في السماح لمن لا يواليهم ويأتمر بأمرهم أن يخاطب الناس عبر الأثير المفتوح خارجياً وداخلياً ، لذا وعلى مستوى (المنطق) الذي طالما ردَّده الطاهر التوم عبر عبارة (إنتو منو .. وديل ذاتم منو) أعتقد أنه لم يخرج عن دائرة إدراكه المحدود بما يوجد حوله من شكليات ومضامين تمثل (الآخر) ، الآخر الذي لا يرى بعيون المنفعة الشخصية ، والآخر الذي لا يرى في أولويات نجاحه وحصوله على أمنياته تمجيد السلطان والهتاف له في الحق والباطل ، الطاهر التوم من حقه أن يستنكر ويُنكر وجود هذا الآخر الذي لم يلامس واقعه ولاخياله فيما يوجد حوله من أرتال الرياء والفساد والتكالب على المصالح الذاتية ، هو لا يصدق أن هنالك أوفياء للوطن والإنسان السوداني قادرون على التضحية بدمائهم وعافيتهم وأموالهم ووظائفهم من أجل رفعته وإنتشاله من هذه الطامة الكبرى التي وقع فيها ، وفي ذات الوقت ومن باب إحقاق الحق وإبطال الباطل أؤكد قناعتي الذاتية بحق الطاهر التوم في أن ينتمي سياسياً وفكرياً لأي جهةٍ يريد ، وحقه في أن يتبنى أفكار الدولة وإتجاهاتها وممارساتها حتى لو كانت ضد الإنسانية والأخلاق والأعراف والدستور ، وحتى لو وضعه هذا الإنتماء في موازنة الإختيار بين الدولة والشعب أو حتى بين الحق والباطل ، ولكن ما ليس له ولا من حقوقه وواجباته أن يؤثِّر في قناعات موظفيه وإنتماءاتهم الروحية والفكرية والوطنية والشخصية ، كما أن من حق عامة الناس عليه ولو كان (الريموت) في يدهم أن لا يحرمهم من (حيادية) العمل الإعلامي ونزاهته وخلوه من الخطاب الإعلامي (القسري) الذي يُجبرالناس إجباراً على رؤية الظلال والأخيلة ويُعميهم عن رؤية الوقائع الماثلة ، الطاهر التوم لم يدخل إلى عالم الإعلام عبر رسالية المهنة ومعاييرها الأكاديمية والعرفية والأخلاقية ، بل دلف إليها عبر بوابة السياسة والصفقات المشبوهة والمنافع المتبادلة بينه وبين سطوة النفوذ وأرباب السلطة والمال الذين إحتكروا البلاد بما فيها ثقافتها وإعلامها وأحياناً جمهورها ، لذا أقول للمُشفقين مما يقول الطاهر التوم هوِّنوا عليكم فلكل مقامٍ مقال و لكل زمانٍ رجال .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة