حين يتحدث أرباب السلطان والجاه و النفوذ بجرأتهم المعهودة عن الحق والباطل والقيِّم والأخلاق ، يساورني مؤخراً شعورٌ بالغثيان والرغبة في التقيؤ ، فقد بلغ الأمر مداه في المرارة والقذارة والإستهتار بأفئدة البشر الذين أصبحوا على حافة الكُفر بالوطن بل والحياة كلها ، من المشاهدات التي لا يمكن تجاوزها في ما يُعرف بعلو صوت آلة الفساد في البلاد وإنحياز منظومتها السياسية والإدارية القابضة على السلطة والصانعة لثقافة قهر الضعفاء وحرق وإبادة كل ما هو نبيل وجميل في النفوس الهائمة خارج دائرة دنياهم الزاهية من فئة الغُبُش التي أصبح لا هم لها سوى جمع الضمانات الرخيصة التي تتُيح إشارات البقاء ليومٍ قادم في كل حالٍ هو ليس إلا ظلامٌ دامس وآمالٌ لا تُطال رغم بساطتها وتواضعها ، وفي ذات الوقت الذي تُعاني فيه الزميلة أمل هباني مرارات الإعتقال لمجرد أن صدح صوتها بكلمة حق في أرضٍ ساد فيها الباطل من كل تجاه وحرمانها من معانقة أطفالها اليُفع ثم حرمانهم من حنانها وحرمان أسرتها حتى من مجرد الإطمئنان على صحتها التي أُشيع أنها تتدهوَّر يوماً بعد اليوم ، ما زالت منظومة ثقافة (مد اللسان) إستهتاراً بالشعب والقيِّم والأخلاقيات والأعراف التي توافق حولها البشر منذ آلاف السنين ، تُعلن بكل إصرار تحديها للمواطن والوطن ، ثم تقيم إحتفالاً بهيجاً صاخباً بالمناقل أرض الغُبش لتكريم ندى القلعة على نسمات البخور وتبسم أفواه أصحاب النفوذ من تحت لِحاهم التي لم تعُد بالنسبة للبسطاء كما كانت دلالةً ورع وتقوى بقدر أصبحت إشارة إحتقارٍ ومذلة ، فاللعب الآن أصبح على المكشوف و(على عينك يا تاجر) ، والخطاب الذي كنا نسميه سابقاً سياسياً و كنا نُطالب بمراجعتة ، أصبح الآن خطاباً فوقياُ وصلفياً نابياً ومثيراً للمذلة والإنكسار لكل من لا ينتمي إلى منظومة الرغد المعيشي الفاحش أو حتى من وقف محتاراً على الحِياد ، حتى بلغ الأمر بحال ثقافة الباطل الذي يحاولون تسويقه بين الناس بالشعارات الفارغة والمراوغات الكاذبة ، جزءاً لا يتجزأ من مجريات الحِراك الإداري والسياسي للدولة فهو لم يقتصر ولم يتوقف فقط عند باب الوزراء والنواب وأصحاب المناصب السيادية كما تعوَّدنا ، إذ أنه بدأ ينهش في جسد الإدارات القاعدية من محليات ومعتمديات في الأقاليم والحضر والبوادي ، هذه البلاد وعبر لهث حكومة المؤتمر الوطني وإستماتتها من أجل البقاء في السلطة يُذل فيها الأعز ويُرفع فيها مقام الحثالات وضعاف النفوس والمرتشين والضُلعاء في فنون الفساد والإستبداد والتطبيل لمن سد الله آذانهم وأعمى أبصارهم عن رؤية وسماع الحق وكل من يُشير إليه ، في الوقت الذي يجتهد فيه المعوزون من الذين رفعت الدولة أيديها عن أبسط إحتياجاتهم الحياتية لغربلة ومراجعة أكياس نفاياتهم التي لا تخلو من النفائس في مكباتها بأحيائهم المخملية الزاهية ، مازالوا يملكون الجرأة على المُجاهرة بأن أسباب ما يعاني منه هذا الشعب من فقرٍ وجوع ومذلة وجهلٍ ومرض هو رفع حكومتنا لراية التوحيد وتمسُّكها بالدين الحنيف .. اللهم أرفع عنا البلاء وأصرف عنا سخطك بحق صبر عبادك المقهورين إنك وحدك القادر على ذلك .. و إن غداً لناظره قريب.
أي تغيير جذري أو ثورة شاملة قادمة لا يجعل أعلى اولوياته حل القوات المسلحة المليئة حتى جنباتها بكوادر الأخوان المتأسلمين و حل الشرطة المفخخة بالأفاعي و جهاز الأمن العنصري اللعين و محاسبة كل الرؤوس و القادة المتورطين في التجسس و تعذيب و قتل المواطنين و الناشطين،،، أي تغيير جذري او ثورة شاملة لا تحقق كل هذا كأولى أولوياتها و مستعينة من اجل تحقيق كل ذلك بكفاءة عالية بمعاونة أجهزة مخابرات الدول المجاورة و الصديقة التي تساند الديمقراطيات و سيادة حكم القانون و ذلك لضرب الكيزان و ملاحقتهم و قطع دابرهم و إجتثاثهم نهائيا من أرض السودان و من أجل أن ينعم الجميع بحكم القانون و الديمقراطية و الحرية و الشفافية و المحاسبة لكل صاحب منصب عام لا يحترم و يصون الأمانة التي وكلها به الشعب،،، أي اولويات أخرى غير هذه لن تزد عن كونها مضيعة للوقت و خطاء مميت يسمح للكيزان البغضاء بالخروج من الباب و العودة من الشباك و السيطرة مجددا،،، إستمعوا إلى فأني لكم من الناصحين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة