المؤلم حقآ أن يستمر النزيف مع حالة التوهان ،وعجز السلطات المعنية – أو عدم قدرتها – على وضع حلول نهائية ناجعة تضع البلاد في المسار الصحيح ؛ هذا فيما يتعلق بالأوضاع الإقتصادية سادتي ... والجَليٌ هو البراعة في تحقيق الربط في أمر الإيرادات العامة ، وهذا بإستحداث رسوم جديدة ، وإقرار الزيادات في كثير من التي يتم تحصيلها . وببساطة أن متخذي القرار ( وزارة المالية والتخطيط الإقتصادي وبنك السودان المركزي ) لم يسئموا من نتائج تخطيطهم الإقتصادي والمالي غير الموفق ( الفاشل ) والذي يبدوا أنه أضحى مسألة إدمان ( والإعاذة بالله ) ! . الذي أفهمه من خلال متابعتي ( لعملهم ) أنه عندما يحدث عجز بالموازنة يسارع جهاز الإشراف عليها إلى وضع حلول ومعالجات والتي – في الغالب – ليس من بينها تقليل الإنفاق الحكومي أو تقليص ميزانيات جهات لايمكن المساس بمتعلقاتها ؛ ليكون المواطن هو المتكفل بالأمر مرة من جيبه ، وأخرى عندما يتعايش مع التردي في الخدمات والإحتياجات الأساسية والصحة والتعليم . ! كما أن السياسات التي أقرها بنك السودان المركزي مطلع العام الحالي والربع الأول منه ( السعر التأشيري ، وحصائل الصادر ، ومسك السيولة ، والإعتمادات وضوابط الإستيراد ) أضرت كثيرآ بالقطاع المصرفي ، وكان تأثيرها واضحآ وهزت الثقة بين البنوك والعملاء ، الأمر الذي قد يكلف البنوك – مستقبلآ - أموالآ طائلة ، وخطط ودراسات وإعلانات وطرح المحفزات وهذا قد يكون شاق و معقَد ؛ لكسب الثقة مجددآ ( والتي تم نسفها بقرارت بليدة تتسم بقصر النظر ) ... وقبل أيام تساءلت إنطلاقآ من إستيعابي لنوعية الحلول التي يعتمدها بنك السودان وسياساته وتخطيطه للقطاع المصرفي ، وقلت أنه لم يتبقَ لهم سوى إلزام المواطنين بتوريد أموالهم للبنوك وهذا قد يسعون له عبر سن قانون أو إصدار لائحة وكما ترون لم يخذلوني قــطـــ !!! ... فقد صدر قرار تغيير فئة الخمسون جنيهآ وهذا يكون بتوريد المبالغ فئة الخمسون جنيهآ عبر فتح المواطنين ( جميع المواطنين ) لحسابات بالبنوك التي ستسهل عليهم هذه العملية ( فتح الحسابات ) ،،، ومن تعذر له فتح حساب ؛ بإمكانه الإستعانة بآخرين لديهم حسابات مصرفية !!! . بغض النظر عن مسوغات تغيير فئة الخمسون جنيهآ ، ودرجة قوة الأسباب التي حملتهم على ذلك إلا أنني كمراقب لما يجري أعتقد أن الأمر ( من جهة أخرى ) هو محاولة لإرجاع – ولو قدر قليل – من الأموال خارج الدورة المصرفية والتي خرجت جراء مسك السيولة عن المودعين ( العملاء ) مما دفع الكثيرين إلى الإمتناع عن التعامل بالشيكات وطلب النقد ، وهذا أمر أضر بالقطاع المصرفي والكل يعلم هذه الحقيقة وكما أن صحيفتكم ( الجريدة ) عزيزي القارئ أوردت في الفترة الماضية موضوع إنتعاش سوق الخِزَنْ ، وتعلمون ماذا يعني هذا ! ،، أو ربما أن التقارير أوضحت أن فئة الخمسون جنيهآ حاضرة بخجلِ عند نوافذ إيداع الأموال بالمصارف ( وهذا يعني أنها مخبئة بأمان ) . دعوني أكن مخطئآ في أعلاه .. إذآ ما الداعي لأن يتوجه الجميع لتوريد فئة الخمسون جنيهآ؟! ، فليعلن بنك السودان أنه بصدد التغيير ويحدد تاريخ بداية ونهاية كما تجري العادة ؛ تدخل أيآ من البنوك و تستبدل بسلاسة بعيدآ عن سياسة الإرغام هذه ؛ والتي قد تدفع البعض الى التشكيك في دوافع البنك المركزي والتي يقول البعض أنها لضبط السيولة وخفض التضخم ، وبقية الأسباب التي لانعلم مدى صحتها . قبل أكثر من عامين لجأ أفورقي – جارنا والبحر – لهذا الأسلوب وأُعلن عن إستبدال كل فئات عملاته ، وأيضآ كان تغيير شكلي طفيف على العملات ، والغرض منه كان ضبط السيولة خارج النظام المصرفي ، وكان أيضآ بتوريد كل الأموال للبنوك وتقييد صرفها بعد ذلك ... المهم نجح النظام الارتري وقد كان له ما أراد إذ إرتفع سعر صرف النقفة مقابل الجنيه منذ فترة طويلة وتحسن الإقتصاد الارتري ، ولكن الظروف تختلف هنا ، والنظام المصرفي يعاني جراء التخبط والسياسات التي يبدو أنها غير مدروسة وتفتقد للواقعية والسند . أخيرآ .. من المؤسف الإستمرار في طرح حلول لا تقود إلا لمزيد من التعقيد ، ودائمآ يتبنى الفاشلون سياسة لَيْ الذراع والمكر.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة