عزاء راقي جدا - قصة قصيرة بقلم د.أمل الكردفاني

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 06:08 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-26-2019, 04:57 AM

أمل الكردفاني
<aأمل الكردفاني
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 2507

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عزاء راقي جدا - قصة قصيرة بقلم د.أمل الكردفاني

    04:57 AM August, 25 2019

    سودانيز اون لاين
    أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
    مكتبتى
    رابط مختصر





    جلست النسوة في مقاعد متراصة داخل صالة الفيلا الجميلة. أخذن ينظرن لأخوات المرحومة الصامتات ثم يتبادلن النظر ويغمزن لبعضهن باستنكار.
    والرجال في صيوان العزاء في الخارج بدورهم كانوا مندهشين ويتهامسوا:
    - ولا حتى صرخة .. ولا مجرد نحيب ولا عويل؟
    يهمس آخر:
    - أنتم لا تعرفون السر...
    يقرب الرجال رؤوسهم ؛ ويخرج أحدهم حقة صعوطه ويشنق منها كومة داخل جوف لثته السفلى ليؤكد إنتباهه وتركيزه.
    الرجل الذي من المفترض أن يخبرهم بالسر ، يمد في زمن صمته لكي يحصل على مزيد من الشعور بأهمية ما سيفضي به لهم عبر رفع سقف فضولهم ، فيلفهم صمت ورقابهم ممشدودة في خط منحرف الزاوية..يتلفت الرجل حتى يتأكد من عدم وجود رجل من أقرباء المتوفية ثم يهمس:
    - عائلة النشايبي من العائلات الملحدة...كلهم ملحدون...وخاصة هذا الفرع.. يقال أن أصولهم...
    يصمت فينظر إليه الرجال بعيون محمرة من الإثارة..فيقول بسرعة وهو يزم شفتيه ويغمض عينيه: يهودية...
    يهز الرجال روسهم من أعلى لأسفل بحركة بطيئة حتى لا يلفتوا انتباه أهل المتوفية. يقول كهل ذو رقبة متينة: بس هذا عيب... فيرد آخر: ولكنهم صلوا عليها قبل الدفن؟.. قال رجل السر: هم لا يعلنون إلحادهم.. يقول الكهل: بس .. هذا عيب.. لا يمكن للنساء أن يجلسن هادئات هكذا.. يتدخل أحدهم: ولا حتى صوت مواء قطة.. يجلسن بصمت وصوت القرآن فقط هو ما يكسر الصمت. يقول آخر: حتى لو كانوا ملحدين أفلا يحزنون على موتاهم..أفلا يجزعون...بل وحتى لو كانوا لا يجزعون أليس اتباع أعراف المجتمع مهم...يقول الكهل: حتى السلفيون عندنا ينوحون على موتاهم اتباعا للأعراف والتقاليد... يهمس أحدهم: جئت إلى صيوان العزاء وشعرت بالريبة إن كان هذا هو المكان الصحيح أم أنني اخطأت العنوان...
    وفي الجانب الآخر ترقص إحداهن شفتيها يمينا ويسارا والرغبة في النميمة تحرق أحشاءها لكنها تخاف من ملاحظة صاحبات العزاء ، يختلس النسوة النظرات لبعضهن وبصمت يتبادلن حديثهن عبر ترقيص الشفاه والعينين المبحلقتين...بعض النسوة لم يتحملن الصمت كثيرا فغادرن قبل تناول وجبة الغداء لكي ينفجرن في الشارع بالنميمة...تقول إحداهن: لم استطع تحمل ذلك..ولا حتى شهقة حزن...ولو بتمثيل البكاء.. تقول أخرى: هل رأيتن ماذا يرتدين.. تقتحم أخرى الجملة وتكملها: تنورات قصيرة تظهر سيقانهن من الركبة وكأنهن في حفل...تقول واحدة: كانت هناك شائعة أن هذه العائلة مسكونة بالجن الكافر.. تتف إحداهن على صدرها وتقول: نسأل الله السلامة.. تقول إحداهن::يجلسن ووجوهن بميكاب كامل..تعترض أخرى: ليس بميكاب كامل فترد تلك: ربما اخطأت...لا أتذكر بدقة.. ثم يستمررن في النميمة حتى تقاطع الطرق فيبقين واقفات لساعات وهن يحللن الخبر من كل جوانبه التاريخية السيكولوجية والثيولوجية والميتافيزيقية ثم تتذكر كل واحدة منهن أنها لم تجهز طعام الغداء فيهربن فزعات لمنازلهن.
    المعزون الباقون تفاجؤوا بالغداء في شكل أطباق خزفية فاخرة عليها قطع اللحم والسلطات المتنوعة والأرز والخبز والشوك والسكين توزع كل فرد من الأفراد وبعدها يتم توزيع أطباق اخرى عليها حلويات وفواكه وعلب عصير. يهمس أحد الرجال: ما هذا؟ متى كان غداء العزاء عندنا بالأطباق...أين الطاولات الممتلئة بأطايب الطبيخ من الثريد والبطاطس والكمونية والضلع المحمر والكسرة ....فيجيب آخر: أخشى أن يوزعوا علينا صناديق سجائر وزجاجات ويسكي...وقبل أن يكمل حديثه وزع عليهم خادم بزي رسمي صناديق سجائر مستورد فاخر. ورغم أن الكثير منهم لم يكن مدخنا لكنهم أخذوا نصيبهم وزاد عليه البعض بعلبتين أو ثلاثة. همسوا: سجائر في عزاء..؟. بعد ساعة وزعت عليهم أطباق أخرى من الأطعمة الغريبة....كانت الأطباق تخرج من أفران متحركة. فأخذوا جميعا يأكلون بصمت وخدودهم تنقبض وتنتفخ من لوك الطعام. عند غروب الشمس جاء رجل دين بسيارة فاخرة وصلى بالجميع ثم جاءت مجموعة من الذكارة وتم إطعام الجميع مرات ومرات..فخرج الناس مغتبطين...قال أحدهم: هذا هو العزاء ولا بلاش... وقال آخر: ليتني كنت الميت... وسأل أحدهم: هل هم ملحدون حقا؟.. أجابه آخر: ربما لولا الحياء لأتوا بمطرب... رد ثان: لا .. هذه كبيرة...
    ومضى جميع المعزين إلى منازلهم... فدخلت كل واحدة من أخوات الميتة لغرفتها وانتحبت بمفردها في الظلام...

    (تمت)























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de