حضر الرئيس في ذاك المساء الشتوي ببزته العسكرية.. عند تلاوة أجندة الاجتماع اقترح أحد العشرة إضافة بند حول صلاحيات الأمين العام.. ظن محمد الحسن الأمين أن الأشياء هي الأشياء فرفع بنانه مشيراً لنقطة نظام تتعلق بأن البند المقترح غير موجود في الأجندة.. ابتلع الرجل نقطة نظامه حينما أمره الرئيس بالجلوس.. بعد عام من ذلك التاريخ جاء الرئيس البشير في جلبابه الأبيض ليُعلن حل البرلمان وإعلان الطوارئ ولاحقاً إعفاء الأمانة العامة للحزب الحاكم.
أمس الأول ارتفع صوت الإسلاميين متسائلاً ومتخوفاً من حل الحركة الإسلامية في اجتماع التأم بشارع الشهيد عبيد ختم.. وحسب "السوداني" الغراء أن الشيخ علي عثمان طمأن الحضور أن الرئيس البشير لن يحل حركتهم.. إلا أن الشيخ علي عثمان نوّه أن هنالك قراراً سيُتّخذ بشأن مستقبل الحركة الإسلامية.. وأدلى الشيخ الزبير أحمد الحسن بدلوه مشيراً إلى أن تقرير مصير الحركة سيخضع لشورى واسعة.
قبل أيام كانت صحيفة "الأخبار" تميط اللثام عن خيارات التعامل مع الحركة الإسلامية.. حيث نشرت أن من بين المقترحات تحويل الحركة إلى جمعية دعوية.. فيما الخيار الثاني يمضي لتذويبها في الحزب الحاكم.. هذا الاتجاه السلطوي عبّر عنه بشكل واضح الأستاذ عبد الواحد يوسف والي شمال دارفور في حوار صحفي نُشر أمس .. لكن السؤال لماذا الحديث الآن عن مستقبل الحركة الإسلامية.. وماذا يعني تذويبها في الحزب الحاكم.. وهل من حق أي من هذه القيادات تقرير مصير حركة لها تاريخ راسخ في الحياة السياسية السودانية؟
في البداية، يجب الإقرار أن الحركة الإسلامية الآن في حالة بيات شتوي.. بل في أفضل الأحوال تمثل واجهة تبشيرية تُبشر بأداء الحكومة وتبرر للأخطاء.. رغم ذلك هنالك من يضيق بهذه الوضعية.. السبب الرئيسي أن الحركة منبر يمكن أن يفعل في أي لحظة خاصة في المنعطفات السياسية الحرجة.. كما أنها تمثل وعاء للإسلاميين الذين يقدّمون العام على الخاص والاستراتيجي على التكتيكي. بمعنى من يريدون تحطيمها الآن يخافون من استيقاظها في أي لحظة.
في تقديري أن على الإسلاميين الانتباه لخطة لجنة علي عثمان التي تنظر في مستقبل الحركة الإسلامية.. شيخ علي الذي جاء بعد ثلاثة عقود ليتحدث أن الشعبية تعلو على الدساتير وأن الأفراد فوق المؤسسات يجب ألا يُسمح له بتقرير مصير الحركة الإسلامية.. ليس من مصلحة الإسلاميين أن يجمعوا في وعاء واحد يصعب الدفاع عنه في موسم الأعاصير .. الإنقاذ تجربة سياسية لا تمثل أشواق الإسلاميين ولا طموحاتهم.. بل هي تحالف عريض جمع عشاق السلطة من كل الاتجاهات.. توريط الحركة الإسلامية يجعلها تدفع ثمناً باهظًا في المستقبل.
بصراحة.. من الأفيد جدًا للحركة الإسلامية أن تستخدم الساتر هذه الأيام.. بل من الأفضل أن تمارس التقية السياسية.. ضربة رمضان صنعها عشرة من أبناء الحركة.. تذويب الحركة والإجهاز عليها سيتم على يد ابن الحركة البار علي عثمان.. في هذه الحالة سيتولى الإسلاميون جميعاً دفع الدية رغم أنهم أهل القتيلة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة