ذكريات وزير 2 حضرة الناظر دياب بقلم محمد بدوي مصطفى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 01:17 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-28-2019, 08:04 PM

محمد بدوي مصطفى
<aمحمد بدوي مصطفى
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ذكريات وزير 2 حضرة الناظر دياب بقلم محمد بدوي مصطفى

    08:04 PM August, 28 2019

    سودانيز اون لاين
    محمد بدوي مصطفى -Germany
    مكتبتى
    رابط مختصر





    في العشرينيات كنّا نسكن مدينة المناقل، بعدها شددنا الرّحال إلى مدينة الأبيض. كان عمي عبد الرحيم ضابطا في فرقة الهجانة بمدينة الأبيض وجاء ذات يوم لأبي في المناقل وأصر عليه قائلا: "كان يجب عليّ أن أحضر وأبقى بجانبك هنا، لكنني موظف بالحكومة وأنت أدرى بالتزامات المهنة! لقد صرنا أنا وأنت الوحدين، فلابد أن تذهب معي إلى الأبيض لأنني عمرت لك بيتاً بها."

    وفعلاً كان كذلك. حضر في زيارة تالية إلى المناقل وساق معه أمي وأبي إلى الأبيض وبعدها رجع متجشما مشقة الترحال ليصطحب بقية الأسرة؛ فذهبنا معه أنا وأخي بلّال وأمه خادم الله (زوج أبي الأخرى). امتطينا جملاً وهو كان على ظهر حمار. سافرنا من المناقل حتى مدني، جنبا إلى جنب، في رحلة مثيرة ومضنية. بلغنا مدينة مدني قبل أن يُنادى للصلاة من وقت المغرب. أقلنا من هناك القطار إلى مسقط رأسنا الجديد، تاركين وراءنا المناقل وربوع الجزيرة الخضراء بأهلها وخيرها.

    ذات يوم بعد أن طاب بنا المقام بالأبيض حملنا حالنا أنا وأبي قاصدين مدرسة الكتاب لأسجل بها. جئت من المناقل وكان ترتيبي هناك الأول على الصفّ الثاني. وصلنا المدرسة وأشار إلينا الفراش بمقابلة حضرة الناظر. قرعت على الباب، رفع الناظر رأسه يطوي ملفا بيده. أومأ إلينا أن ندخل، وإذا بي أرى رجلا ارتسمت عليه علامات الهيبة والوقار: وجه مستدير وعينان واسعتان وبشرة سمراء ناصعة. عندما استرقت النظر إليه ثانية تبدّت لي قسماته في غلظة وصرامة منقطعتي النظير، ومضى قلقي يتزايد وأنا أقف أمام هيبته، إذ تخايل لعينيّ وقفته الصارمة في رهبة وخوف. وجمت في ذهول وانزعاج وهتفت وأنا لا أدري: شهادتي يا حضرة الناظر. حدجني بنظرة حادة وكأنها رصاصة أطلقت من فوهة مسدس تصدّع لها قلبي. عبدالرحمن دياب كان رجلا له هيبة. مددت له الشهادة بيدي اليسرى لكي أسلّم عليه بيدي اليمنى. أحسست نظرة مليئة بالترقب وهو ينظر إلى يدي المدودة. انتهرني قائلا: تعطيني إياها بيدك اليسرى؟ فغيرتها بسرعة وأعطيتها إيّاه باليمنى. تأمّلها مليلاً ثم مصرّحاً: تمشي سنة ثانية! تعجبت وقلت في نفسي: الله، أنا كنت هناك في سنة ثانية وكنت الأول على الفصل، أأجئ إلى هنا لأدخل الصف الثاني؟ غادرنا المكتب وقطعت الردهة دون أن أنبس بكلمة. ذايلنا طريق المدرسة قاصدين شارع القبة نلتمس طريقنا خلل الدموع. مشينا في خطوات بطيئة متثاقلة ولم تطمئن نفسي لهذا القرار لكني سلمت أمري لله. رحت أسائل نفسي المنكسرة الخاطر: ترى أيكون لنا معه لقاء بعد هذا اللقاء؟

    على كلّ حال انتظمت بعدها بالصف الثاني تاركا أمري لله وفي آخر السنة نُقلت إلى السنة الثالثة. وفي منتصف السنة الثالثة نُقلنا إلى الصف الرابع لمدة ثلاثة أشهر لكي ننتقل إلى الصف الابتدائي. كان للابتدائي بزمن الإنجليز امتحانين: واحدا للمجان وآخر للذين يدفعون مصاريف الدراسة. كنت حتى ذلك الحين أنعم بدراسة المجان ولكن لسوء الطالع وربما لعلة ابتعادي عن مسقط رأسي بالمناقل، لم أوفق كما كنت من قبل، فبقينا – ويا للكارثة - ثلاثة طلاب، وجب عليهم دفع المصاريف. ذهبت وأخبرت أبي بالأمر ورأيت - من بعد - أثر هذا الخبر المريع على قسمات وجهه المتجلد. فجاء في اليوم التالي ليقابل الخواجة المسؤول. وقف أمامه مؤمنا متشفعا في تجلد وصبر: أنا يا حضرة الأستاذ مزارع ولا أستطيع أن أدفع هذه المصاريف الباهظة؛ دخلي بسيط ولي أسرة أعيلها فهلا رحمتنا بدخول ابني بالمجّان؟ بادره الخواجة بالرفض قائلا: ولدك درجاته بسيطة ولا يمكن أن أقبله بالمجان! صمت في جموده الإنجليزي المتحجّر ولم ينبس بكلمة أخرى وكأنه يقول: قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان! رجعنا أدراجنا إلى البيت وقد بلغ الخزي منّا كل مبلغ لكن ما فتأ أبي الورع أن يذكرني: لا يغلب عُسر يُسرين.

    كان شقيقي الشيخ وقتذاك قد أكمل لتوّه دراسته بكلية غردون وعيّن مدرساً، بيد أنه ظلّ باقياً في مكان تعيينه الجديد. ذات يوم حضر عمي عبدالرحيم للفطور وأنا أُجالس ظل النيمة الوارفة أمام منزلنا. سألني: إنت واقف هنا ما لك؟ قلت له: طردوني من المدرسة! مستطرداً: أخبر أبي حضرة الناظر أننا لا نستطيع دفع المصاريف. انتهرني بنبرة حادة صارمة زلزلت جلستي حينها: أمشي وقل لهم، سوف أدفع المصاريف. يا لله أمشي المدرسة ... يا الله! ذهبت بعدها إلى الناظر عبدالرحمن دياب وقلت له: سوف أدفع المصاريف. فقال لي: طيب روح الفصل الأول. حمدت الله على نعمته وذهبت من فوري إلى الفصل وبدأت الدراسة من جديد. كان مصروف السنّة حينذاك يبلغ ثمانية جنيهات، وكان القسط الأول ثلاثة جنيهات وكسر. دفع عميّ عبدالرحيم القسط الأول منها. ومع مرور الأيام نُقل شقيقي الشيخ إلى الأبيض فتولى أمري. أكملت المرحلة الابتدائية وتفوّقت وصرت من الأوائل. كان عدد المدراس الابتدائية بكل السودان يبلغ ثمان مدارس؛ يأتي الطلبة منها إلى كلية غردون، وهناك يمتحنونهم لدخول الثانوي. فعندما أتينا للامتحان، كتب الناظر في ملفي (يقبل في المجان)، بسبب أخي الشيخ الذي كان يعمل موظفا بالحكومة. اجتزت الامتحان وكان ترتيبي ال٥٦ من ٣٠٠ طالب. كان مدير الكلية المستر يودر. فقال لي خلاص أنت قُبلت في First B مجاناً. فرقص قلبي لهذا الخبر طرباً وبدأتُ مشوار الكلية وأشرقت مرحلة جديدة في حياتي.

    (نشر بصحيفة أخبار اليوم)

    --
    Dr. Mohamed Badawi

    Bodanrückweg 6























                  

08-28-2019, 08:40 PM

عادل سمير
<aعادل سمير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ذكريات وزير 2 حضرة الناظر دياب بقلم محمد ب (Re: محمد بدوي مصطفى)

    يا سلام المرحوم استاذ عبد الرحمن دياب كان ناظرنا في الخرطوم الثانوية القديمة !
    استاذ و مربي فاضل !
    الله يرحمه..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de