05:31 PM December, 17 2019 سودانيز اون لاين حامد جربو-السعودية مكتبتى رابط مختصر
في ركن قصي من المدينة اتخذ بيتاَ له , لا يحب مخالطة الناس ولا الاستماع إلي ثرثرتهم . يغدو باكراَ إلي حقله , هناك يقضي وقتاَ في تأمل الكون .ويسرح البصر في متاهة السماء المسربلة بالزرقة , هناك رأى ما يرى النائم في المنام وهو يقظان , هناك في أفق السماء أحداثا وزخماَ ومعارك وضجيجاَ يملأ عنان السماء, وصدىَ يمتد إلى أذنيه , في المعمعة السماء عادت به لمحة الذاكرة إلى الزمان الأول , وطافت به محطات مرعبة وصدمته بذكرى أليمة , فجأة ارتد إليه البصر , وعاد به إلى الحقل , تنفس الصعداء, وتحسس الطين والحجر , واستنشق عطر الزهور الممزوجة برائحة الطين والطحلب , انبسطت أسارير وجهه الصارم , وأمن هدأة السماء وسكون المكان وهدوء الزمان , وقف متكئاَ على عصاه , يجس نبض الطريق , قبل الخطو إلى البيت .. النافذة خرج لتوه من المسجد بعد صلاة الفجر , كعادته يردد الأوراد والأدعية في طريقه إلي البيت , أحس بحركة غير طبيعية من قفة ملقى على قارعة الطريق , أقترب منها بفضول , فجأة انفجر صراخ طفل من داخل القفة , وثب إلي الوراء متأهباَ للهروب , ولكنه تريث , وأزاح غطاء القفة بحذر , فإذا بوليد لم يتجاوز عمره يوم يرفس في داخلها , أخذ ينادي في الناس : مولود جديد ملقى على الطريق .., أشاروا إلى بيت في نهاية الزقاق يأوي النساء , أسرع إليه وطرق الباب , بدلاَ منه فُوتحت النافذة , أطلت إحداهن سافرة , تند بجمال شرير وابتسامة خبيثة , فهمها .., وهي أيضا لم تسئ الفهم, فأغلقت النافذة السعادة هذه الصورة قديمة لأصدقاء الزمان الأول نظرت إليها طويلاً وغرقت في ذكريات الأيام الخوالي جميع الوجوه مشرقة ناضرة وتشع بالحياة , ولا إشارة إلى ما يخبئه القدر. وها هم قد انتشروا في الأرض , وساقهم الأقدار إلى حيث التجارب والعناء , فمن يستطيع أن يثبت أن السعادة كانت وهماَ لا حلماَ
. نهاية الأسطورة في قريتي عجوز تحكي روايات مثيرة عن ماضينا في كل أمسية يتحلق الناس أمام كوخها الصغير في قلب القرية ويستمعون إليها بلهفة جمة , لا يقاطعها ولا يداخلها أحد حتى في ترددها , ما ترويها غريب إلى حد الريبة ..!, قال بعضهم هذه أساطير لا تمد الحقيقة بشي , وقال الآخرون : بل كنا على غفلة من ماضينا وكشفت عنا غطاء الأسطورة!! , عندها بدأت الكثرة تنفض من حولها , وصمدت القلة تتابع الحكاية من البداية..! . في جوف الليل سمع صوفي يتعبد في جوف الليل أحداَ يغني , أرهف السمع لصوت المغني لم يحدد مصدره , وكلما زاد وتيرة التسبيح والتعويذ , ارتفع صوت المغني , وتفنن في الألحان والشغوف سمعه يقول : الليلة يا ناس بألف ليلة , ذكره بالليلة القدر خير من ألف شهر , بدأ هو الآخر يرتل القرآن , بصوت رخيم 0! حامد جربو /السعودية
|
|