زار عبدالرحمن المهدي مصر في منتصف سبتمبر 1956. وأجرى سلسلة من المحادثات مع القيادة المصرية والتقى بالرئيس جمال عبد الناصر. ورافق المهدي في هذه الزيارة رئيس البرلمان السوداني محمد صالح الشنقيطي صديق شخصي للمهدي ووفقاً للوثائق الإسرائيلية المقرب من المقربين. انضم الشنقيطي إلى المهدي في المرحلة الأولى من المحادثات مع عبد الناصر.
لم يمض سوى عشرة أيام على الاجتماع الذي حضره بين زعيم حزب الأمة وعبد الناصر عندما قدم الشنقيطي تقريراً مفصلاً وشاملاً عن لقاء مهدي مع الرئيس المصري إلى مسؤول إسرائيلي في جنيف في 27 سبتمبر 1956. وفيه أبلغ الشنقيطي المسؤول الإسرائيلي بما يلي:
1. تعتبر السودان القوة العسكرية المتنامية لمصر تهديدًا مباشرًا لاستقلال السودان. يخشى السودان أن تكون الحرب القادمة التي تشنها مصر موجهة ضد السودان وليس ضد إسرائيل
2. للسودان مصلحة وطنية في إضعاف النظام المصري وتعزيز الصداقة مع خصوم عبد الناصر. ومع ذلك فإن حزب الأمة مجبر على تهدئة مصر في المستقبل القريب بسبب اعتماد السودان على قناة السويس والحاجة إلى حل النزاع المائي مع مصر وحاجة السودان إلى سداد ديونه الخارجية ونهج الانتخابات البرلمانية السودانية
3 أراد عبد الناصر أن يزور المهدي مصر ليظهر للعالم أن السودان يدعم مصر في قضية السويس. على الرغم من تلميحات عبد الناصر بأنه يريد من المهدي زيارة مصر حتى يتمكن الأخير من التوسط بين مصر والمملكة المتحدة لم يطلب عبد الناصر أي وساطة من هذا القبيل من قبل المهدي على الإطلاق
4. كانت دوافع المهدي في زيارة مصر هي: إبلاغ عبد الناصر بموقفه بشأن السويس وإظهار للمواطنين السودانيين أنه أيضًا يتمتع بعلاقات جيدة مع عبد الناصر الأمر الذي سيكون في صالح مهدي في الانتخابات البرلمانية السودانية المقبلة
5. أخبر المهدي عبد الناصر أن السودان يعترف بمصر ملكية قناة السويس ، لكنها شددت على أن قيمة قناة السويس تنبع من استخدامها من قبل الغرب. على هذا النحو من الضروري تقديم ضمانات دولية لضمان حرية الملاحة في مياهها
6. في لقائه مع عبد الناصر وصف المهدي الكارثة التي ستلحق بالعرب إذا قررت القوى الغربية الدخول في تدخل عسكري والأزمة التي سيعانيها السودان إذا قرر الغرب مقاطعة قناة السويس
7. كان تقييم عبد الناصر أن الغرب لن يلجأ إلى القوة العسكرية وأن القوى الغربية ستضطر في نهاية المطاف إلى حل وسط مع مصر من شأنه أن ضمان كرامة مصر الوطنية
8. الموضوع الوحيد الذي اتفق عليه المهدي وعبد الناصر هو التزام مصر بدفع 8 ملايين جنيه من الحسابات المصرية المجمدة في لندن والباقي من الأموال المستحقة السداد في غضون خمس سنوات
9. يعتقد الشنقيطي أن فرض حصار اقتصادي لمدة 30 يومًا على مصر يكفي لإسقاط نظام عبد الناصر.
أرسل المسؤول الإسرائيلي خطابًا إلى مائير وبالمون يبلغهما بمحتوى تقرير الشنقيطي. واختتم الخطاب بالقول إنه علم مؤخراً أن الحكومة البريطانية قد نصحت فرع بنك باركليز في الخرطوم بدفع مليون جنيه إسترليني كدفعة مقدمة في حساب محصول القطن في المهدي للعام المقبل .
استمر العلاقات الودية لحزب الأمة والحكومة السودانية مع إسرائيل بعد العدوان الثلاثي عام 1956 ضد مصر. شملت العلاقات مع إسرائيل التعاون المحدود في بعض المجالات العسكرية. وصلت العلاقات بين الجانبين إلى واحدة من أهم النقاط عندما عقد مئير اجتماعًا سريًا مع رئيس الوزراء السوداني عبد الله خليل في فندق في باريس خلال صيف 1957
عامًا بعد هذا الاجتماع أطاح انقلاب عسكري بحكومة عبد الله خليل في الخرطوم جلب إبراهيم عبود إلى السلطة. غيّر عبود سياسة السودان تجاه مصر فاقرب بلاده من جارتها الشمالية ونهجها في السياسات المحلية والإقليمية والدولية. وقد أدى ذلك بطبيعة الحال إلى قطع علاقات السودان مع إسرائيل. https://wp.me/p1TBMj-rt
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Tarig Anter
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست