:: ومن المشاهد المحزنة، ما رسمتها محررتنا النابهة محاسن أحمد عبد الله، بعدد الأمس.. ( لفت ممثلٌ - في العقد السادس - الأنظار وهو يتسوّل بأسواق الخرطوم وطُرقاتها مُرتدياً ملابس مُهترئة، وكان بادياً على ملامحه المرض، وهو يستجدي المارة تارة، وتارةً يقتحم المطاعم ويأكل البقايا، وأثار الأمر دهشة كل من شاهد لما وصل إليه حال هذا الممثل الذي يُعتبر من جيل الرُّوّاد الذي قدّم أعمال مُميّزة في المَسَرح والإذاعة والتلفزيون، بجانب المُشاركات والجوائز الدولية) ..!!
:: رعاية المبدع في بلاد الآخرين تكاد تكون من الثوابت الوطنية، وذلك لحاجة المجتمع إلى (رسالة المبدع).. ولكن رعاية المبدع في بلادنا محض (شعارسياسي)، أو هتاف تهتف به حناجر الناس و أهل الساسة والثقافة في المناسبات الثقافية..ولذلك يعيش المبدع في مجتمعنا ميتاً إلا أن يموت (الموت الأخير)، أوهكذا كتبت يوم وفاة الروائي و التشكيلي محمد حسين بهنس - بالجوع والبرد - في شوارع القاهرة..ورحلة حياة هذا الممثل لاتختلف كثيراً عن رحلة معاناة فقيد الإبداع بهنس..!!
:: انتشال المبدع من قاع الفقر - الي ستر الحال - ليس مسؤولية الحكومة فقط ، أو كما يظن البعض، بل من واجبات المجتمع أيضاً.. إذ ليس عدلاً أن يهبنا هذا الانسان الرائع أغلى ماعنده ثم يبحث عنا - عند الضيق - ولا يجدنا.. وليس فقط هذا الممثل الذي بلغ به البؤس حد الاستجداء في الشوارع والمطاعم، ولكن أكثرهم - مثل هذا الممثل - يموت في اليوم (ألف مرة)، ولا يشعر باحتضارهم المجتمع .. وليس من الانسانية أن يغض المجتمع طرف الضمير عن هؤلاء، وينتظر يوم موتهم ل (يشكرهم)..!!
:: كما الحال في كل دول الكون، فان رعاية المبدع يجب أن مسؤولية مشتركة تبدأ بالأسرة والأهل والأصدقاء ثم مجتمع الثقافة ومؤسسات الدولة..وللأسف، كل تلك الجهات المسماة (غير مسؤولة)، ولذلك يعيش المبدع متسولاً في الأسواق وتائهاً في الشوارع، ثم يموت - بالإهمال - لتعاتب تلك الجهات - الما المسؤولة - بعضها وتشتم ..هكذا سيناريو حياة و رحيل المبدعين.. والمؤسف أن معاناة المبدع في بلادنا لا تنشط دورالمجتمع بحيث يتعلم (سلامة الرعاية)..!!
:: لم يتعلم المجتمع من رحلة معاناة المبدعين بحيث يكون ملاذاً للمبدع، إذ لا يزال المجتمع السوداني خالياً من المنظمات والصناديق والجمعيات الأهلية ترعى مثل هذا الممثل بعيداً عن الحكومة .. أما الحلم بأن أن تثمر رحلة معاناة المبدعين دروساً تُنشط دور مؤسسات الدولة الثقافية بحيث توفر لهم فقط (مناخ الإبداع)، فهذا حُلم بعيد المنال..!!
:: ولذلك، آي لأن كل الأطراف المسؤولة لاتتقن - من المسؤولية - غير عتاب بعضها عند مرض أحدهم أو لعن بعضها عن موت أحدهم ، فلن تكون مأساة هذا الممثل آخر مآسي المبدعين في بلادنا.. فالقائمة التي يعكسها واقع حال رفاقه طويلة للغاية، وتضج بمن يتسولون - في الخفاء - ليعيشوا، أي بمن يموتون - في الخفاء - وهم أحياء .. هكذا حالهم، ولا يًخفى على أحد ..أشباح بين الناس، غرباء في وطنهم، مشردون في شوارع ومجتمعهم، فقط ينتظرون ( الموت الأخير)، لنتباكى ..!!
تحية للاستاذ الطاهر ساتى رجاء نشر ايميل او تلفون او عنوان حتى نتمكن ويتمكن الراغبون فى مساعدة هذا المبدع من التواصل معه او مع من ينوب عنه فى استلام اى مساهمات تخصه ولكم الشكر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الطاهر ساتي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست