مامادو غاساما المهاجر غير الشرعي - بفرنسا - و الذي يبلغ من العمر 22 عامآ ، وصل باريس بعد أن ترك موطنه ( جمهورية مالي ) حاله كالكثيرمن المهاجرين غير الشرعيين ، لم يكن يحلم بأكثر من وطن ( بديل ) ويبحث عن معنىً للحياة ، إلى أن قاده حظه لذلك الشارع الباريسي الذي وجد فيه جماعة من الناس يصرخون ، والبعض كان يطلق أبواق السيارات لوجود طفل يتدلى من الطابق الرابع بإحدى البنايات وبكل شجاعة ( ومروءة أفريقية ) تسلق مامادو واجهة المبني وسحب الطفل لأعلى ... وهذا موقف أراح الشعب الفرنسي من خلال مشاهدته العالية لفيديو إنقاذ الطفل ، والذي شاهده الملايين حول العالم بعد مرور ساعات فقط . في دولته مالي وعموم أفريقيا - وخاصة الفرانكفونية - كان للحادثة أثر إيجابي عميق في نفوس الشباب هناك وتحدثوا عنها بكثافة سيما الشباب الذي يحلم بالوصول للقارة العجوز والبحث عن مستقبل أفضل ؛ لضيق الفرص وضياع أحلامهم في بلدانهم ( بلدان القهر والكبت ، والفساد المستشري !) .. بإعتبار أن مامادو سيجعهلم ينظرون للمهاجر غير الشرعي بنظرة إيجابية ، فالكل متخوف من مغبة تعامل الغرب من المهاجرين وللاجئين بسبب العديد من المواقف والأحداث السلبية والتي تتعلق بالمهاجرين كالإرهاب وموضوع الإندماج والعادات السيئة . ومن جهة أخرى ما قام به مامادو يدعم أهم نقطة في حوار المؤيدين مع الرافضين للهجرة وهي أن يكون المهاجر محبآ لمجتمعه الجديد ، ويكون سلوكه منسجم والقوانين ؛ وهذا يؤسس لبناء الثقة في المهاجر غير الشرعي – فهو إنسان - خاصة وأن الأحداث الإرهابية التي شهدتها فرنسا في السنتين الماضيتين كانت الأقوى ، وجميعها أثارت موضوع الهجرة والمهاجرين ، ، وكذلك في الإعتبار مشروع القانون الخاص بتنظيم الهجرة وتسهيل الإندماج مع أن مشروع القانون يجد معارضة حتي داخل حزب ماكرون ( حزب الجمهورية إلى الأمام ) وبالرغم من أنه حزب سياسي وسطي ليبرالي إجتماعي ! . قبل التكريم الرئاسي الذي حُظى به مامادو والمتمثل في توفيق الأوضاع ومنح الجنسية مع وظيفة في الدفاع المدني تلقى شكر وعبارات إمتنان من عمدة باريس ، ومن جماهير الشعب الفرنسي الذي يُقدس الشجاعة والوفاء والتضامن بإعتبارها أهم قيم ومبادئ الجمهورية الفرنسية وظهر ذلك من خلال أحداث عديدة . ومن بين الملايين الذين تركوا أوطانهم بسبب الأوضاع السيئة حصل مامادو على ما كان يحلم به في ظرف ثلاثين ثانية وهو الزمن الذي تسلق فيه المبنى ، وبرأيي أن مامادو عندما كان في طريق هجرته ( غير الشرعية ) الى فرنسا واجه العديد من المصاعب ، وربما خاطر بحياته في سبيل الوصول لعاصمة الأنوار ؛ وهو أمر يجعله مدرك تمامآ لمعنى الحياة ، ويقدرها ، ويقدسها ، لدرجة أنه يستوعب بسرعة موقف أن يكون الإنسان على وشك أن يفقد حياته ( كالطفل الذي أنقذه ) . أخيرآ ما حصل عليه مامادو يستحقه تمامآ ، ولن أثني – هنا- على ماكرون بإعتبار أنه أوفى مامادو حقه نظير شجاعته وإنسانيته العالية ؛ ولأن الوفاء من قيم ومبادئ الجمهورية الفرنسية . تساءلت إن كان ما قام به المهاجر المالي كان بإحدى دول الخليج البترولية المتطاولة في البنيان ، وكيف سيتم التعامل مع مامادو ... وهم لا يعرفون غير لغة الدراهم والريالات ؟! ( لغياب القيم التي من بينها الوفاء ! ) . تهانينا لمامادو بحصوله على وطن بديل ، فهو كالقلب البديل يكون بعد عملية جراحية معقدة ( كضيق الأوطان وركوب قوارب الموت ) ولكنه ضروري في الوقت نفسه ! .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة