كما يعلم سائر الخلق بمختلف أجناسهم أنهم ضيوف على هذه الدنيا الفانية، و أنهم لا محالة ذاهبون عنها يوماً ما، و تلك حقاً من ثوابت الفطرة البشرية التي لا نقاش فيها، فلعل من جملة تلك الثوابت أن الإنسان بطبيعته الفطرية يخضع لعدة قوانين تارة تكون سماوية، و تارة أخرى تكون وضعية، لكن ما يهمنا أكثر هو كيف يستطيع هذا الكائن الحي بناء شخصيته المتكاملة من حيث النفس و ترويضها على طاعة أولى تلك قوانين من جهة، ومع أبناء جنسه البشري من جهة أخرى، فيحتاج هنا إلى مًنْ يُقوم له تنظيم حياته، و تهذيب نفسه، و إعداد فكره الناضج الذي يجعله يسير في الطريق الصحيح، فتأتي الحاجة إلى المرشد، إلى المعلم، إلى الموجه الصالح؛ لأن هذا المرشد سيكون له حتماً بمثابة النور الذي يهتدي بنوره، و القدوة الحسنة التي يستضيء بفيئها حتى يصل إلى بر الأمن، و الأمان، و يحصد ثمار سعيه المستقيم في الدنيا، فينال بذلك رضا الله ( سبحانه و تعالى ) في كلتا الدارين، فعلى حيثيات تلك المقدمة يكون الإنسان أمام مسؤولية مهمة تقتضي منه التعقل، و التفكير الصحيح، و الاختيار الموفق قبل الخوض في غمار مسيرة الحياة، إذاً لابد من تهذيب النفس، و جعلها تذوب في طاعة، و عبادة خالق السماء، و الأرض، و كذلك بناء قاعدة التفكير السليم النابع من العقل السليم، ومن ثم الارتقاء به إلى مصافِ التكامل الإنساني وصولاً إلى إقامته على أرض الواقع، و لعلنا نجد في الدعوات الإصلاحية التي أطلقها الكثير من المصلحين، و دعاة النصح، و الإصلاح في سبيل قيادة البشرية جمعاء نحو تحقيق إقامة المجتمع المثالي، و تأتي في مقدمة تلك الدعوات التوعوية ما صدر من المعلم الصرخي الحسني في منهاجه الرسالي، وهو يدعونا إلى السير في تحقيق التكامل الأخلاقي، و الاجتماعي، ومنها قوله : (( نحتاج إلى مراجعة للنفس، و تهذيب الفكر، و إعادة قراءة التاريخ بأنصاف، و حكمة؛ حتى نتعظ مما حصل، و تقترب الأفكار، و النفوس، و تتحد تحت عنوان جامع يرجع إلى ثوابت الإسلام، و مبادئ الإنسان، و الأخلاق . )) وفي الحقيقة اليوم ما أحوجنا إلى هذا النهج الإصلاحي الذي أصبح بمثابة خارطة طريق ناجعة في سبيل إعادة ترتيب أوراق البيت البشري بمختلف انتماءاته، و انحداراته الاجتماعية، و المذهبية، و نبذ الطائفية التي مزقت كل أواصر النسيج الاجتماعي الذي أسست له قوى الشر، و التطرف، و الإرهاب من خلال بث سموم أفكارهم المنحرفة، و عقائدهم الفاسدة التي ما أتت على شيء إلا و جعلته كالقرية الخاوية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة