:: على مدار العام، يستنجد السواد الأعظم من الأهل بأرياف السودان النائية بالسادة في وزارتي الصحة المركزية والولائية، ثم بمنظمات المجتمع المدني وأهل الخير، ليمدوهم بأمصال تعالج لدغات العقارب .. وبين والآخر، تنشر صحف الخرطوم مآسي تلك المناطق المنسية التي ينتقل بعض أفرادها الى رحمة الله بلدغات العقارب، وذلك لعدم توفر الأمصال بمناطقهم .. و دائما ما يكون تبرير الصندوق القومي الامدادات الطبية : ( يوجد مصل العقارب، ولكن لا يصل كل المناطق )..!!
:: ويوم أمس، كان الخبر، ما يلي : كشف نائب رئيس القومسيون الطبي عن توقف العمل بكل أفرع القومسيون منذ الخميس 22 فبراير الماضي، وذلك لانقطاع مصل الحمى الصفراء - من الإمدادات الطبية - رغم سداد القومسيون لقيمة المصل، ولكن لم يستلمه لعدم وصوله من الخارج، وأشار إلى تردُّد أعداد كبيرة من المسافرينبسبب ربط كروت الحمى الصفراء بإيصال مالي إلكتروني مرفق من القومسيون الطبي لضمان رسمية وشرعية الكرت..!!
:: ومن الغرائب، قبل أشهر، احتفلوا - في حوش صندوق الإمدادات الطبية - بافتتاح ما أسموه بأكبر مخزن دوائي في إفريقيا .. مساحة المخزن وسعته (46.000 متر مكعب).. وهي سعة تسع لتخزين أمصالنا واستهلاكنا الدوائي لفترة (6 أشهر).. ويتميز المخزن بالتخزين الرأسي - على ثلاث مدرجات ــ بارتفاع (8 أمتار)، ومُجهز بكل أجهزة ومعدات التكييف ورصد درجات الحرارة والرطوبة، ومزوَّد بنظم رصد ومتابعة مخازن الصندوق بالولايات، وكل عمليات الشحن والتفريغ تتم ( آلياً)..!!
:: وبلغت تكاليف هذا المخزن - الأكبر في إفريقيا - (174.000.000 جنيه)، أو كما نقول بالجديد (174 مليار جنيه).. وتم ذلك بنظام التمويل المصرفي (بنك المزارع)، لفترة أربع سنوات أرباحها (55 مليون جنيه ).. فالقيمة الفعلية لتكاليف المخزن ( 119 مليون جنيه).. هكذا حجم وتكاليف أكبر مخزن في إفريقيا.. ويوم الافتتاح ذكرت بان شعبنا يستهلك سنوياً أدوية قيمتها ( 300 مليون دولار)، ونصيب القطاع الخاص منها (200 مليون دولار)، ونصيب الصندوق القومي للإمدادات الطبية (100 مليون دولار).. !!
:: ولكن للأسف، لم يتجاوز إنتاج الصناعة الوطنية من استهلاكنا نسبة (16%).. نسبة إنتاج مصر من استهلاك شعبها (90%)، وسوريا قبل الحرب (94%)، والمغرب (85%) و.. و.. كل الدول العربية تكاد تكتفي أو تكتفي وتصدر (لنا).. حجم الأصناف الدوائية في بلادنا (4599 صنفاً)، ولا تصنع مصانعنا غير (723 صنفاً)، وهي التي تعادل (16%).. ولذلك فإن افتتاح أكبر مخزن في إفريقيا كان يجب أن يتزامن مع افتتاح أكبر مصنع في إفريقيا، ولكن لم يتزامن.. فالمخازن أهم من المصانع ..!!
:: ثم تُقًدر منظمة الصحة العالمية متوسط الصرف على صحة الفرد في العالم ب (74 دولاراً)، وقيمة الرعاية الصحية الأساسية التي يجب أن يحظى بها الفرد في دول افريقيا بما يعادل (17 دولاراً).. ومع ذلك، فإن نصيب الفرد في السودان من الرعاية الصحية الأساسية لا يتجاوز (7 دولارات)، ثم يتم ما تبقى من العلاج والرعاية بالمحايات والأعشاب والدجل والشعوذة حتى يتعافى أو يموت.. والحكومة لا تًبالي بموت المواطن محروماً من الأدوية والأمصال، طالما احتفلت بافتتاح أكبر مخزن فارغ في إفريقيا..!! assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الطاهر ساتي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست