صلاح ادريس – كاتب صحفي كانت مغامرة المجلس العكسري الانتقالي بالتخلص من الاعتصام انتحارا سياسيا واخلاقيا ومهنيا بكل ما تحمل الكلمة من معني . لا ادري كيف توصل هؤلاء الجنرالات " المساكين" ان الحسم العسكري في هذا الموقف قد يمر بدون حسام او عقاب . لا ادري ولاافهم كيف تصرف هؤلاء الاوباش بدون قراءة حتي التاريخي السياسي القصير الذي يمر عليه اكثر من اربعة اشهر في الاطاحة بالبشير الذي حكم السودان بالحديد والنار لمدة ثلاثة عقود اطاح به هولاء الشباب في ثلاثة اشهر . الم يقرأ هولاء العسكر كيف يتعامل الشعب السوداني مع الدكتاتوريات العسكري والانظمة التسلطية القهرية من خلال القراءة المتأنية للتاريخ السياسي السوداني . القريب جدا وليس البعيد مع العلم بان الضابط المتخرج من اي كلية عسكرية يقرأ شيئامن العلوم السياسية ويعرف القليل عن تكوين الدول وعد دور السلطة المدنية في الادارة السياسية لاي دولة مهما كانت . لا ادري ولم استطيع ان افهم ان المجلس كان قبل التاسع والعشرين من رمضان في موقف "قوي ومستقر" في التفاوض مع القوي المدنية وكان من الممكن ان يحقق العديد من المكاسب السياسية بين ليلة وضحاها . كيف اضاع كل هذه المكاسب بعملية متهورة سمجة همجية واصبح صفر اليدين . ليس هذا فحسب ولكنه اصبح في خانة المتهم الذي وضع نفسه في قفص الاتهام . واصبح عاريا كما بلا اي شئ يستر عورته كما ذكر الاستاذ عابدين . كيف اصبح المجلس بين عشية وضحاها بلا قاعدة شعبية يستند عليها ويدافع عنها اما م الشعب السوداني . والشعب السوداني وما ادراك ما الشعب السوداني وهو ليس مثل الشعوب الاخري صبور ولكنه لاينسي مسامح ولكنه منفتح ولديه القدر علي قراءة الواقع السياسي بدقة عالية والتصرف بناءا علي هذه المعطيات الجديدة . حقيقة منذ ان تواترت الاخبار بما حدث في التاسع والعشرين في ساحة الاعتصام وانا احاول ان اجد بعض الاعذار بعض التبرير حتي اشفع للمجلس فعلته التي قام بها في هذا الطرف التاريخي الحساس جدا الذي يمر به الشعب السوداني . كيف تناسي المجلس اصرار كل فرد علي اقامة الدولة المدنية التي تقوم علي السلام والعدالة والحرية هذه الدولة لاتحقق بالعسكر ولكن بسلطة مدنية قوية مرنة مؤهلة لقيادة الشعب السوداني في المرحلة القادمة . كيف تناسي المجلس ان الشعب السوداني توصل الى قناعة تامة ان الجيش لايستطيع ان يبني دولة لان بناء الدول عمل لا تقوم به الجيوش العسكرية ولكنه عمل تقوم به " الجيوش المدنية " المؤهلة في الاقتصاد والاتصال والادارة و التكنولوجيا والزراعة والصناعة وحتي في الادب الذي يصنع الدولة التي يطمح لها الشعب السوداني . كيف اخفق المجلس في تصور شكل الدولة القادمة التي يكون فيها الجيش دوره المنوط به في حماية المواطن وليس قتله . لا ادري كيف استمع المجلس العسكري السوداني " هذه هو اسمه ولا أنا غلطان" الي اجندة اجنبية دخيلة وبدون ادنى تفكير او قراءة مبسطة للواقع السياسي السوداني المعاصر . كيف تناسي المجلس انه ليس فى دولة عسكرية قمعية بعد حتي يفعل ما يفعل . كان من الممكن ان ينتظر حتي يوصله هؤلاء الي قمة السلطة حتي يفعل ما يفعل . بهذه الفعلة خسر المجلس الرهان واصبح البرهان واتباعه لا حول لهم ولاقوة . لايمكن ان اختم هذه المقال ما لم اترحم علي ارواح الشهداء الذي دفنت اجسادهم في الارض ولكن ذهبت ارواحهم الي السماء كشهداء للوطن والعدالة والحرية والسلام .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة