|
المجتمع المدني وأهمية مشاركتها في عملية صنع السلام/أحمد شميلا - سدني
|
المجتمع المدني وأهمية مشاركتها في عملية صنع السلام. عندما يتأثر مجتمع معينة بالحرب والعنف في بلادهم لفترات طويلة، فإن المصلحة المركزية يتطلب مشاركة جميع المواطنين في قرار إيقاف العنف. ربما يواجه المواطنين معضلات ضخمة وقاسية من ذوي المصلحة في إستمرار العنف، ولكن المتفق عليها أن مشاركة منظمات المجتمع المدني في عملية صنع السلام سيجعل مضمون السلام قوية ومستديمة في أي مجتمع مهما كانت تجاربهم في الغنف. فبالرغم من أن الحكومة السودانية بأجهزتها الأمنية تواجه بعنف قاسية كل من تسوّل له نفسه في تقديم مساهمة عملية لإيجاد مخرج من الأزمة السودابية، وكل من أجل إستمرار سياستها الممنهجة لإستهداف مناطق الهامش واهلها وتدمير الوحدات الأساسية كالبنية الإجتماعية والإقتصادية والثقافية وكلٌ بإسم الإسلام، والإسلام بريٌ من هؤلاء براءة الذئب من دم يوسف. فالأن ليس المتأثرين بالعنف هم المتواجدون في مناطق الهامش في "جبال النوبة، دارفور والنيل الأزرق" بينما جميع أهل السودان الأن يواجهون أزمة الغلاء في المعيشة والعنف الغير مبرر في الحياة العامة وإرتفاع معدل الجرائم في كل مناطق السودان كل ذالك سببها إنشغال الحكومة بالحروبات وتجييش الشعب السوداني، ليس لمواجهة أخطار خارجية تواجهة الوطن كما يدّعون إنما مواجهة الشعب السوداني فيما بينهم. وليت تنتهي أثار العنف بمجرد التوقيع على أي نوع من إتفاق سلام، إنما سيستمر أثار العنف لسنين عدد بعد أن تضع الحرب أوزارها. فمن أبسط أثار الحروبات، هي تدمير القوة البشرية التي تحتاجها السودان في بناء دولة وإبدالها باجيال مشلولة غير قادرة حتى على إعالة حتى نفسها مما يتعين على الدولة صرف الملايين من أجل علاجهم ورعايتهم. لذالك لابد أن تلعب المجتمع المدني دور اكبر لإدراك الوضع المتأزم التي تمر بها السودان، لا أحد يستطيع إنكار الأدوار العظيمة التي قامت بها منظمات المجتمع المدني في دول عديدة لإصلاح مجتمعاتها بما في ذالك السودان. إلا أن دور المجتمع المدني في السودان لم تنجح في تنفذ كل أساليب المقاومة الشعبية لتركيع النظام لمتطلباتهم، فلا يخرج الى الشوارع إلا عندما يشتد الجوع في العاصمة القومية، متناسين في ذالك أن إشتداد الحر في الخرطوم ناتج عن حريق في أحد أقاليم السودان، فمثلاً التظاهر من أجل عدم رفع الدعم عن المحروقات ليست كافية لإصلاح الوضع المتردي، فهناك قضية أساسية أدت الى محاولة رفع الدعم عن المحروقات، وهي قضية المناطق الثلاثة "جبال النوبة، دارفور والنيل الأزرق" فلماذا لانخرج للتظاهر من أجل إيقاف الحرب في هذا المناطق؟ فمن ضمن الذين يوؤل إليهم القيام بعملية تعبئة الشعب السوداني للخرج هم أصحاب السلطة الأخلاقية "كالزعماء الدينيين من شيوخ وقساوسة" وإستخدام نفوذهم لإضافة وزن لكل الذين ينادون الى سلام عادل يضمن حقوق القليات في المجتمع السوداني. كما يجب أن لا ننسى دور المرأة في مقاومة الحرب وهناك أمثلة عديدة لنضالات المرأة من ضمنها " المرأة في الأسود" “Woman in Black” وتظاهراتهن الصامتة في بلغراد والقدس تضامناً مع ضحايا العنف والإقتتال، وتظاهرات قساوسة الأشولي بشمال يوغندا عام 1997، كل هذا الأعمال تعبر عن محاولات المواطنيين مقاومة النظام وعدم التوطؤ معها في تنفيذ جرائمها ضد شريحة معينة من الشعب، وتوضيح النهج الأمثل والبديلة لمعالجة النزاعات الداخلية، كما أن تضامن المجتمع المدني تساهم في تشكيل السياق الإجتماعي والسياسي اللازم لدعم حوار مستدام بين كافة المجموعات المسلحة والمعارضة. فمنظمات المجتمع المدني لها أدوار فعالة في المساهمة لاحلال السلام وإستدامتها، بشرط أن تمنحهم النظام الحاكم مساحة حرة وتسخير أجهزة الإعلام من أجل تعزيز عملية الحوار وتثقيف المجتمع السوداني لنبذ العنف والتمسك بالحوار والحلول السلمية وتوضيح أهمية التعايش السلمي بين كافة المجموعات العرقية المتنوعة. فأصحاب السلطة الأخلاقية كما ذكرت آنفاً لهم مسؤلية أخلاقية كبيرة في وضع حد للعنف والنزاعات الداخلية، وليس التطبيق الحرفي الأعمى لمقولة "أنصر أخاك المسلم ظالماً أو مظلوماً". نعم تنصره ظالماً بالنصح والإرشاد بالكفء عن ظلم العباد وليس مؤازرته في الإستمرار في إنتهاك حقوق الأقليات. ألم يجلب هذا النظام مرتزقة فجارٍ فسقة من تشاد، مالي والنيجر لإنتهاك حرماتكم والعبث بنسائكم، ألا تستحق هذا الموقف إستحراج فتوى من مجمع علماء السودان ليس فقط برحيل هذا القوات المرتزقة بل رحيل النظام نفسه. فالمجتمع المدني لها القدرة على الضغط اللازم للتغيير الإجتماعي السلمي وخاصة عند المستويات العليا التي غالبا ما يرفض التزحزح عن ما يدعونه قضايا جوهرية للصراع أو ثوابت وطنية كما يسمونه. لكن للأسف الشديد يوجد في السودان المجتمع اللا مدني، ويزدهر بصورة غير عادية بالقيام بالإستقطاب داخل المجتمعات المحلية وتعزيز التفاوتات الأفقية وإضفاء الشرعية على العنف بإسم الدين والأيدواوجية الإقصائية. فمنظمات المجتمع المدني الأن في السودان قد تحولت الى وقود لإطالة أمد الصراع في الوضع الراهن وتشجيع النزعة القومية والنعرة العرقية والعنف، لأن غالبية هذا المنظمات عبارة عن خلية من خلايا النظام. اما الحقيقية منها فقد إنحرفت عن أهدافها السمحة كل بسبب الإستبداد والفقر وإنعدام الأمن. فإمكانية إحلال السلام في السودان ممكناً عندما يكون هناك عدالة ومساواة حقيقية لكافة الشريحة السودانية بدون أي تمييز، ولكي يعيد المواطن السوداني الثقة الكاملة في أي حكومة تأتي بعد الإنقاذ، لابد من محاسبة ومعاقبة كل الجناة الذين أرتكبوا جرائم بحق الشعب، ثم وضع نظام يستطيع كبح جماح كل من يحاول العبث بأرواح الشعب السوداني. فمنظمات المجتمع المدني عنصر مهم جداً في عملية صنع السلام، خاصة عندما تتعلق الأمر بالصراعات الداخلية نسبة لإستقلاليتها ومرونتها وقربها من كل الشرائح الإجتماعية، فإذا أردنا سلاماً حقيقياً مستديمة في السودان فلابد من تقوية منظمات المجتمع المدني لما لها من إمكانية بناء الثقة بين كافة المجموعات السكانية المختلفة، كما أنها تعمل كصوت تنبه أو إنظار عندما تظهر علامات العنف، "فلنأحذ العبرة في إنفجار الأوضاع بكادقلي 2011، والأن جنوب السودان".
أحمد شميلا - سدني
|
|
|
|
|
|