بالنسبة إلى دعوة الشيخ عبد الحي يوسف إلى ما أسماه موكب دعم الشريعة الإسلامية ، وفي هذا التوقيت بالذات بالنسبة لي إما أن يكون دعوةً حقيقية لإشعال نار الفتنة بين (المسلمين) ، أو أن يكون مجرد عدم إستيعاب للخطوات والمراحل الضرورية التي يجب أن تمر بها الثورة الشعبية المقدسة وبالخصوص في هذه المرحلة الحسّاسة من عمرها ، فصراع الآيدلوجيات لمن يحن أوانه بعد وكل ما يقال عن الإستقطاب الفكري والسياسي وما يشير إلى توجهات الحراك الشعبي ، هو في الحقيقة محض أفكار لا تعبِّر إلا عن الذين قالوها أو صرَّحوا بها ، فيا شيخ عبد الحي أن يقول رئيس تجمع المهنيين السودانيين أو غيره من الفئات السياسية المنضوية تحت لواء قوى الحرية والتغيير رأيه الشخصي (في الوقت الراهن) عن ما يجب أن يكون عليه أمر الدولة والدين فهذا حقه ولكن لا يعني هذا أن رأيه يُعبِّر عن آراء وتوجهات جميع الثوار المعتصمين في القيادة أو المتواجدين خارجها ، لك أن تعلم أن الإنتخابات الديموقراطية القادمة هي من ستأتي بالشريعة الإسلامية وهي من ستقصيها إذا لم يؤدي أمثالكم دورهم في دعمها والإلتفاف حولها قبيل إتاحة الصناديق للإقتراع ، واللبيب بالإشارة يفهم ، وأعني بالفهم هنا عمومية النظرة الثاقبة التي يحتاجها أمثال الشيخ عبد الحي في تكوين المجتمع السوداني وميوله وعلاقته بالدين وكذلك إستقراء ردود أفعاله تجاه الدعوات التي تدعو إلى عدم إدراج الهوية الإسلامية في الدستور والأحكام وضبط حراك الحياة العامة والخاصة .
وعلى هذا المنوال كان من الواجب أن يستقرأ الشيخ عبد الحي ومن سعى مسعاه المصلحة الوطنية والإسلامية معاً في إطار الإنحياز بالحكمة والتروي لصالح إستتباب الأمن والسعي إلى تهدئة ساحة المجتمع المدني في هذه المرحلة المفصلية الحرجة من تاريخ بلادنا ، عليه أن يعلم أنه بدعوته هذي يكون كمن يُبدِّد السهام قبل أن يٌبدو العدو أو يستعدي ، وأقول في التأني السلامة وفي العجلة الندامة ولكل زمانِ مقال ، من ناحيتي الشخصية طالما أن الشعب السوداني موعودٌ بديموقراطية حقيقية ونزيهة فلا خوف أصلاً على الإسلام ولا على الشريعة ، طالما نحن وغيرنا ومعنا الشيخ عبد الحي وأتباعه على يقين وعلم إيمان بتوجهات الشعب السوداني وصدقية تقديسه لدينه وحرصه على أداء واجباته الفردية والجماعية تجاه ذلك .
أما الخيار الثالث والذي أتمنى ألا يكون قد دار في عقلية من يريدون دفع فئات من العامة للتمترس حول شعار الدفاع عن الشريعة الإسلامية ، فهو والعياذ بالله الإعتقاد بأن كل من ثار من أبناء الشعب من الملاحدة أو الكارهين لدين الله ، أو لا سمح الله من ضعفاء الإيمان ومتذبذبي العقيدة ، أو من ناحية أخرى إعتبارهم مجرد (قطيع) يمكن أن يقوده كل صاحب فكرة شاذه أدلى بها في منبر أو رفعها في يده كشعار ، يا هؤلاء عليكم بتجديد ثقتكم في وعي الشعب السودان وسِعة أفقه وتمسكه بعقيدته الإسلامية ولكن عبر أبواب جديدة تُعبِّر بأمانة وصدق مُطلق عن مظاهر ومضامين الدين الإسلامي الذي طالما شوَّهت صورته الأفكار المتطرٍّفة والتعصب وعدم المقدرة على إستنفار تعاليمه المتعلِّقة بتوافقه مع كل زمان ومكان وقدرته على إيجاد صيِّغ عالية الفعالية في مجال التعايش مع الآخر وتقبُّل الإختلاف مع الآخرين .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة