مدخل الساحة متاح بغير ضوابط وبغير شروط تفرض نوعية الزوار !.. ولا توجد للمدخل أبواب ذات ( ضلف ) تمنع البعض عند اللزوم .. والمجال متاح لكل عابر سبيل أن يلج الساحة كما يشاء ومتى يشاء .. وذلك رغم العيوب والشوائب في صفات البعض .. فيرد الساحة كل شارد ووارد .. كما يرد الساحة فرط من المجانين !.. ومع مرور الأزمان تعود الناس أن يتعاملوا مع هؤلاء ومع هؤلاء دون الاكتراث لهرطقاتهم وثرثراتهم تلك التي لا تقدم ولا تؤخر .. ودون أية مبالاة لهفواتهم وزلات الأقلام تلك الهابطة .. فالمجانين في ذمة العقلاء كما يقال .. وعلى العقلاء أن يتحملوا ما تجلبه الرياح .. ولذلك قد أصبح من المألوف أن يدخل بالباب الكثيرون من هؤلاء الذين يشتكون العلل في سلامة الدماغ .. فيهم من يفتري تعمداُ قضية من القضايا لحاجة في نفس يعقوب .. وفيهم من يخلق من الذباب أفيالاُ ليوهم الناس بضخامة الأقزام .. ثم يجادل طوال الأوقات ليثبت نظرية الأوهام .. وفيهم من يتغني برموز الماضي ويجعلهم بمثابة الأصنام التي تعبد !.. ولا يكتفي عند حد بل يواصل السيرة حتى يكون ممجوجاُ بكثرة التكرار .. وإنسان هذا العصر لا يكره إلا ذلك اللت والعجن والتكرار الممل في الكلام !.. وفيهم من يجتهد بالليل والنهار ليورد الأحكام الدينية الشرعية التي تخالف المألوف والإجماع حتى يقال أنه ( أفهم من غيره ) في الأحكام .. وحتى يلفت إليه أنظار الآخرين !.. وفيهم من يجتهد ليورد سيرة الأصدقاء في الماضي بالتفاصيل المملة .. وتلك سيرة تخصه شخصياُ ولا تشوق الآخرين كثيراُ .. والأكثر غرابة فيهم ذلك الموبوء بسيرة ( الهكسوس واليهود ) .. وبالتأكيد بما لا يدع مجالاُ للشك فإن مثل ذلك الإنسان الذي يلوك تلك السيرة بتلك الكثافة المملة هو مصاب بنوع من الجنون الذي يعرف بالهلوسة الفكرية !.. وذلك المرض النفسي معروف جيداُ لدى أطباء النفس والأعصاب .. وهي حالة شائعة يصاب بها الكثيرون من الناس .. ومن علامات تلك الحالة أن فكرة من الأفكار تسيطر على كافة وجدان ذلك المريض بذلك القدر الذي لا يستطيع الفكاك منه إطلاقاُ .. وبالتالي هو لا يستطيع التحكم في مقدرات عقله .. ولا يستطيع أن يقول لذاته ( حتى هنا وكفى ) !! .. والعجيب أنه يظن أن أقواله تلك تجد الاعتماد والتصديق من قبل الآخرين .. ولذلك هو يجتهد كثيراُ في الفارغة ليبرهن صدق كلامه وأقواله .. ولا يدري ذلك المسكين أن الآخرين يملكون من المصادر الأكيدة التي تقول الحقائق وتغنيهم عن فرية المجانين !.. وفي نفس الوقت هو لا يدري أن الآخرين يشفقون على أمثاله ويقولون في أنفسهم بمنتهى الشفقة : ( الله يشفي ذلك المجنون !!! ) .. والمعروف البديهي لدى الناس أن الأخذ والرد مع أمثال هؤلاء ( مرضى النفوس ) يسقط مقام العقلاء الذين يحاورونهم ويجادلونهم حتى ولو بحسن النية .. والمجتمعات في كل العالم مليئة بأمثال هؤلاء المصابين بالأمراض النفسية المستحكمة .. حيث هؤلاء الذين يلوكون السيرة الواحدة المعينة لسنوات طويلة دون كلل أو ملل حتى يردوا للقبور .. وأطباء النفس يقولون أن ذلك المرض شائع وواسع بين الأمراض النفسية .. والعجيب في الأمر أن المريض بذلك الداء لا يقر ولا يعترف بأنه مريض نفسياً مهما يواجه النصائح من الآخرين !.. ولكنه بطريقة مقرونة بالعناد يواصل ترديد تلك السيرة مكمن الداء ويصر على ذلك .. ثم يجد نوعاُ من الانتشاء عند التحدي بالتكرار !.. والفرق الواضح بين الإنسان العاقل الذي يعتمد كلامه وأقواله وبين ذلك الإنسان المريض نفسياُ هو أن المريض عقلياُ يتمسك بالنمط الواحد لفكر من الأفكار أو برأي من الآراء دون تراجع أو تنازل .. أما الإنسان العاقل فهو ذلك الإنسان الذي يتصف بالمرونة ثم الخوض في متاهات عديدة وواسعة دون التقيد بسيرة بعينها مدى الحياة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست