* فقد وظيفته بالصالح العام.. *بحث عن عمل آخر ــ وهو في حالة نفسية سيئة ــ حتى فقد كثيراً من صحته.. * صاحب بقالة (الجرورة) كان يواسيه بعبارات رقيقة.. * ثم يطلب منه أخذ ما يريد إلى أن تُفرج.. * بعد أسبوعين ــ ولم تُفرج بعد ــ لاحظ تغيُّراً في تعامل صاحب البقالة تجاهه.. * هو لم يمنعه شيئاً طلبه؛ ولكن سلامه صار مقتضباً.. * وكذلك كلامه؛ بعد أن كان يجد عنتاً في التخلص من قيود كلامه (المحكمة).. * لم يعد يواسيه كما في السابق... ولا حتى يبتسم في وجهه.. * بعد فترة أخرى حلت التكشيرة محل عدم التبسم.. * ثم جاء يوم اعتذر له عن تجميد (كراسته) جراء ديون عليه هو نفسه في السوق.. * ففقد (مصدر عيشته)؛ هو... وزوجته... وأولاده.. * بلغ تذمر زوجته (المتذمرة) هذه مداه؛ عقب مرور شهر على انقطاع (الشُكُك).. * فيوم يجود عليه الطيبون من زملاء عمله السابق بشيء.. * وأيام لا يجودون... بل ولا حتى يسألون.. * وكذلك الأمر بالنسبة لأصدقائه الذين بدأوا يتناقصون سريعاً.. * ثم فقد زوجته ــ وأبناءه ــ حين رجع عصر يوم بخفي حنين فلم يجد أثراً لهم.. * أو بالأحرى؛ وجد آثار ذكريات مفعمة بالشجن.. * ثم وريقة مهترئة كُتب عليها بخط يعرفه جيداً (لن أرجع؛ فلا تبحث عني).. * وحان الأوان الذي فقد فيه كل أصحابه... وزملائه... ورفاق دربه.. * وعندما كان يسير صباح يوم ــ على غير هدى ــ استرعى انتباهه شيءٌ غريب.. * فهو ليس له ظلٌ يتبعه... رغم الشمس السافرة في كبد السماء.. * ورغم طوله؛ وقد كان أحد أسباب إعجاب زوجته به.. *وتلفت نحو السائرين من حوله؛ فشاهد ظلاً ممدوداً يتبع كلاً منهم... ولا عجب.. * تملكه رعبٌ مزلزل لم يشعر به طوال حياته.. * جالت بخاطره أفلام الرعب الأجنبية كافة التي تحكي عن مسوخ لا ظل لها.. *ولكنه ليس مسخاً أصيلاً... بل هو آدمي (مسخته) الظروف.. * هم بسؤال المارة هؤلاء إن كانوا يرون ظله...إلا أنه تراجع في آخر لحظة.. * فقد خشي أن يُرمى بالجنون... وما أكثر مجانين زماننا هذا.. * حين رأى رجلاً يهيم على وجهه ــ فَرِحاً ــ لملم أطراف شجاعته واتجه نحوه .. * وما أن فرغ من شرح حكاية ظله له حتى انفجر الرجل ضاحكاً.. * ثم غمغم بلسان ثقيل (يا عم أحمد ربنا أنه خلَّصك من همه).. * وما درى أن الرجل السعيد ذاك كان من (أهل المزاج)... الهاربين من دنيا الراهن.. * لم ينم ليلته تلك في انتظار الصبح... على أحر من جمر (الواقع).. * انتظره ليرى إن كان ظله قد عاد إليه...أم غادر بلا رجعة... كحال زوجته.. * توجه صباحاً إلى (كشك) الجرائد... دون ظل.. * هناك سمع حديثاً عجيباً من زبائن المكتبة... غلب على مألوف حديثهم كل يوم.. * وما كان مألوف حديثهم هذا إلا (الراهن الأليم).. * قيل أن (ظلاً) طويلاً شوهد ضحى البارحة فوق حافة الجسر الشمالي الجديد.. *وكان..... بلا (رَجُل !!).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة