الشعب السوداني بعد عقود من القهر والإستبداد، إستطاع أخيراً أن ينجز خطوة سياسية متقدمة نحو المستقبل، صاحبتها صحوة وطنية عارمة بحجم التحديات الداخلية والخارجية. صحوة عبرت عن وعي الشعب السوداني الذي ظل يقاوم كل النظم الدكتاتورية والقوى الرجعية، طوال ستة عقود، منذ أن أستقل السودان في ١٩٥٦/١/١. إخيراً أطل فجر الثورة في وسط عتمة حالكة في محيطنا العربي والإفريقي، الذي تجمعنا معه به أواصر التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك الذي تشتد خيوطه مع كل صحوة وعي تشهدها المنطقة، وأمامنا التحول الكبير الذي شهدته إثيوبيا منذ بدايات التسعينات حينما أفلحت ثورتها من إسقاط نظام الجنرال منغستو هيلا مياريم، ومن ثم بدأت تشق طريقها للتعافي والخروج من مستنقع التخلف والحروب والمجاعات وها هي قد خطت خطوات متقدمة في عالم التطور والتقدم، وقد شكلت نقطة إنطلاق حرضت الضمير الوطني الجمعي في السودان، للسعي نحو الخروج من نفق القهر والإستبداد، بعد أن رأى بعينيه حجم النمو والتطور والتقدم الذي أحرزته جارته إثيوبيا بعد أن تخلصت من نظام القهر والإستبداد ، برغم مواردها المحدودة مقارنة بموارد السودان المهولة، بينما السودان، ظل يتراجع سياسياً واقتصادياً يوماً بعد آخر، مع تزايد أعباء الحياة والهموم والضغوط على المواطن، بجانب القمع وإنتهاك الحقوق ومصادرة الحريات والتضييق المستمر على الشعب، من قبل نظام الإستبداد الذي رفع شعارات الدين كقناع يخفي ورائه وجهه القبيح، وسلوكه المشين القائم على الإستبداد والفساد، والنزق وإفتقار الخيال السياسي الخلاق، وبعد النظر وصدق النيات. كل هذه العوامل دفعت الشعب السوداني الخروج إلى الشوارع تعبيراً عن حقه في الحياة التي أضحت شبه مستحيلة في ظل النظام السابق، فأنجز ثورة سلمية فريدة في نوعها، مستفيداً من تجاربه النضالية السابقة. هذه الثورة تقول: أن السودان في طريقه للتعافي رغم العثرات والأخطاء التي وقع فيها البعض من الثوار هنا وهناك، وهذا شيء طبيعي في مرحلة البلاد تتلمس طريقها لبناء مؤسسات الفترة الإنتقالية. فالأخطاء واردة وقابلة للتصحيح والمعالجة في إطار الحوار في وسط الحماس الثوري، والصحوة الوطنية التي عمت الشارع السوداني. لذا أقول للثوار لا تيأسوا، أنتم تنهضون بواجب وطني كبير وتواجهون تحديات سياسية معقدةعمرها أكثر من نصف، لذا تحلوا بالصبر وبعد النظر وصدق النوايا والتفاني ونكران الذات، كركائز معنوية لإستكمال ما تبقى من خطوات لإخراج السودان من براثن الماضي ومخططات الأعداء، وبناء مستقبل المشرق لكل أبناء وبنات السودان. الطيب الزين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة