عصب سياسة الانقاذ الإقصاء منذ اليوم الأول لانقلابها المشئوم. بدأت بسياسة التمييز ضد السودانيين بدعوي التمكين، فسلت سيوف التطهير ، والاحالة للصالح العام ، ليس ، لانهم لايتمتعون بالكفاءة والجدارة والخبرة والتجربة ، بل لانهم ببساطة لاينتمون "لجبهتهم القومية الاسلامية " فاحالوهم للمعاش ذرافات ووحدانا. واحلوا مكانهم عناصرهم بناء علي الولاء ، والذين يفتقدون الكفاءة والتجربة والخبرة . فأصبحت مؤسسات الدولة ومرافقها عديمة الكفاءة ، متضاربة ، ومطربة ، ومتداخلة في قراراتها وتوصياتها ، وسياساتها ، هكذا صارت مؤسسات الدولة الخدمية قاعا صفصفا. الثورة والانتفاضة ، عليها ان تأتي بمنهج جديد ، يعالج الاخطاء الجوهرية التي ارتكبتها الانقاذ .أن المواطنين السودانيين ، يتساوون في الحقوق والواجبات ، بغض النظر عن انتمائهم، السياسي ، العرقي ، الجهوي ، الديني ، فهم مواطنون سودانيون . عقدهم الاجتماعي ، المواطنة ، والدولة تحرس تعددهم ، وتنوعهم ، بلاتمييز بينهم . الان والانتفاضة تشق طريقها الوعر في مواجهة الانقاذ ، هناك البعض الذين يستهينون بحجم المعركة ، كان أمر الانقاذ انقضي ، هذه الاستهانة بالخصم هي التي مكنت الانقاذ من البقاء لثلاث عقود . هذه الفئة المحدودة أخذت من الان ، توزع في صكوك الوطنية ، والاستعلاء ، والتمييز . هؤلاء ينقسمون الي قسمين : - الاول : أجهزة النظام الامنية التي تسعي جاهدة ، لتمزيق وحدة المعارضة ، وزرع الفتن ، والشكوك بين مكوناتها ، لان وحدة المعارضة تعني ، أن معركة إسقاط النظام سوف تحسم لصالح الشعب ، الذي انتفض وتوحدت صفوفه . وان المعارضة استفادت من درس هبة سبتمبر المباركة ، وسدت الثغرات التي ولج منها النظام ، وأجهزته الامنية حين تمكنت من إخماد الهبة ، لعدم جاهزبة المعارضة ، وعدم توحد صفوفها . الثاني : فئة لم تتعلم شيئا من سنوات الانقاذ وتجربتها المريرة ، والتي مارست فيها الإقصاء في أعلي درجاته ، ولمدة طويلة ، فماذا حصدت سوي حصاد الهشيم وقبضت الريح . الطرفان الاقصائيان ، الانقاذي الأمني ، والادعائي ، الذي يعتقد واهما انه يوزع صكوك الوطنية ، يلتقيان ويتفقان في أمر واحد وهو ، محاولة خلق معركة جانبية ، تشغل مكونات الثورة من المضي قدما في معركتها المصيرية في إسقاط النظام ، ومواصلة المسير الطويل في إعادة بناء الوطن . أما الذين شاركوا النظام ، تتعدد الوانهم ودرجاتهم في المشاركة ، مثلا : _ شاركت الحركة الشعبية بعد اتفاقية نيفاشا ، قبل الانفصال ، وبعده ، حيث كان القائد مالك عقار ، وزيرا للاستثمار في الحكومة المركزية ، ثم حاكما لإقليم النيل الأزرق . أما عبدالعزيز الحلو ، فقد كان نائبا لحاكم اقليم جنوب كردفان . بينما تولي محمد يوسف أحمد المصطفي وزارة العمل . والاستاذ ياسر عرمان ، رئيس كتلة الحركة الشعبية في المجلس الوطني . _ اما ماتبقي من التجمع الوطني الديمقراطي ، فقد وقع اتفاق القاهرة ، وبموجبه شاركوا في السلطة وكانت كالاتي : _ الحزب الشيوعي ، شارك في المجلس الوطني ، عبر عضوي اللجنة المركزية للحزب ، سليمان حامد ، والراحلة الاستاذة فاطمة أحمد ابراهيم " رحمها الله رحمة واسعة " _ رئيس قوي الاجماع الوطني ، الاستاذ فاروق ابوعيسي ، عضوا في المجلس الوطني . _ قوات التحالف السودانية ، العميد عصام ميرغني عضوا في المجلس الوطني . _ الحزب الاتحادي الاصل ، شارك بعدد من الوزراء ، بينما أكتفي الاستاذ علي محمود حسنين ، رئيس الجبهة الوطنية العريضة الان بعضوية المجلس الوطني . _ بعد اتفاق أبوجا ، تم تعيين الاستاذ ، مني اركو مناوي كبير مساعدي رئيس الجمهورية . _ اما الذين انشقوا من حزب الامة القومي ، وكونوا حزب الاصلاح والتجديد بقيادة السيد مبارك المهدي ، فقد شاركوا الانقاذ ، في مواقع ووزارات متعددة . هذا تاريخ ووقائع لايستطيع أحد انكارها أو إخفائها . معظم الذين شاركوا " ماعدا الاتحادي الاصل " نفضوا أيديهم من النظام بعد ان ثبت لهم ان النظام ، لاينفذ أي اتفاق ابرمه ، أو وعدا قطعه علي نفسه. وعادوا لمعارضة النظام ومقاومته بنشاط وفاعلية . إذن التعامل مع الذين شاركوا ، ونفضوا أيديهم من النظام ، أن يكون واحدا ، وليس بموازين مطففه ، وزنتها "خيار وفقوس " كما يشير مثلنا السوداني . ولو أردنا محاسبة الذين شاركوا ، فإن ذلك يتطلب ، خطوات عملية يمكن ايجازها في الاتي : ،_ اولا : إسقاط النظام ، ثم إقامة دولة القانون والمؤسسات ، والتي تصلح فيما تصلح ، الهيئة القضائية ، وإقامة مؤسسة العدالة الانتقالية ، التي تحاسب ، كل من يثبت انه ارتكب جرما ، أو فسادا ، أن كان من الذين شاركوا أو من سدنة نظام الانقاذ . _ وهناك المحاسبة الأكبر ، حين يذهب الشعب لصناديق الاقتراع ليختار حكامه ، بمحض إرادته واختياره ، حينها سيعطي كل ذي حق حقه ، ان كانوا قادة أو أحزاب . فالكلمة الاولي والاخيرة في النظام الديمقراطي يقررها الشعب . وليس من حق أحد أن يكون وصيا عليه . سوف تسقط وصاية نظام الانقاذ ، وتسقط أيضا ، وصاية الانقاذيين الجدد ، الذين أخذوا يوزعون مبكرا صكوك الوطنية
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة