للمرة الأولى يرتبك مجلس الأمن الدولي في شأن يخص السودان.. في آخر جلسة اضطر المجلس للتمديد لقواته الأممية الموجودة على التراب السوداني لمدة أسبوعين .. رغم أن فحوى القرار أكد أن ما يحدث في دارفور مازال مهددًا للأمن والسلم الدوليين.. لكن الارتباك أو بالأحرى عدم التجديد الروتيني مرده إلى تحسن الأحوال على الأرض .. الخطوة أيضا لا تبعد كثيرًا عن السماح للسودان بلعب دور محوري في تسوية جنوب السودان .. السماح بأن تلعب الخرطوم هذا الدور له علاقة بالهدوء العام في جبهات المواجهة في السودان. أمس الأول عزز نائب رئيس الجمهورية عن الوجه الجديد في دارفور حينما قال " الكلام الشين في دارفور زمنو انتهى".. لم يكتف الأستاذ حسبو عبدالرحمن بل رمى بورقة رابحة حينما أعلن التخطيط الطوعي لمعسكرات دارفور.. الفكرة التي طالبنا بتطبيقها من قبل تقضي بإدماج المعسكرات في المدن القريبة.. حيث أعلن نائب الرئيس أن كل أسرة تستحق ٤٠٠ متر مربع.. وهذا الاستحقاق لا يمنع الأسرة من الاحتفاظ بحقها الأصيل في موطنها السابق..بل يجعل مبدأ العودة الطوعية والجزئية قابلًا للتحقق. واحدة من الأخطاء العظيمة أن الحكومة كانت ترفض مبدأ خفض جناح الذل من الرحمة في ملف دارفور.. قبل أشهر هدد والي جنوب دارفور باقتحام معسكرات النازحين بالقوة.. بل إن الوالي تجاوز التفكير إلى مرحلة التنفيذ إبان آخر زيارة رئيس الجمهورية لولاية جنوب دارفور.. لو لا لطف الله لحدث ما لا يحمد عقباه حتى لحملة جمع السلاح في هذا التوقيت كانت عملًا يفتقر للحكمة. أخشى أن تقرأ الحكومة الرسالة بالمقلوب وتعتبر الابتسامة الدولية مجرد تفويض مفتوح .. مثلا مصر قبل أيام منعت الإمام الصادق المهدي من دخول أراضيها .. هذا القرار يخدم أجندة الحكومة بشكل جزئي.. حيث يعبر عن ارتفاع مستوى التفاهمات الثنائية والإقليمية .. الامام الصادق المهدي رغم علو مكانته لم يجد عاصمة عربية أو أفريقية ترحب به فشد الرحال إلى لندن البعيدة.. لكن القرار المصري بنى على حسابات داخلية تتعلق بتنازلات سودانية مماثلة في ملفات ذات صلة. في تقديري يجب قراءة التحولات الإقليمية والدولية بحذر ووضعها في السياق الحقيقي .. المجتمع الدولي اضطر اضطرارًا للسماح بتدخل الخرطوم في ملف الجنوب النازف..تصاعد الأحداث في ليبيا وسوريا وربما سخونة الملف الإيراني جعل دارفور تتراجع من خانة عاجل في عالم الأخبار.. هدا بالطبع لا ينفي الاستقرار الكبير الذي حدث في الإقليم.. مصر لها حسابتها كما أسلفنا.. القراءة الصحيحة تجعل بلدنا في المكان الصحيح.. لهذا من المهم التعجيل بالتسوية السياسية في السودان واستثمار مناخ الهدوء لإنجاز السلام في السودان. بصراحة أخشى ألا تفهم الخرطوم الرسائل المحيطة .. ثم تتجه في التصعيد بمنطق (الهواء صلاح) والعالم مشغول عنا.. حدث مثل هذا الخطأ بعيد توقيع اتفاق السلام الشامل في العام ٢٠٠٥.. بعد ذلك بعام واحد تفجرت مشكلة دارفور حين ظننا ان العالم غفر لنا ما تقدم وما تأخر .. لكن ذلك لم يكن دقيقًا. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالباقي الظافر
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست