ما بين إنقلاب الإنقاذ على الديمقراطيًة في ١٩٨٩، والثورة الشعبية الظافرة في ٢٠١٩، مسيرة طويلة من النضال مشاها الشعب السوداني، في مدنه وقراه على أسنة الرماح، كانت حصيلتها شلالات من الدماء، وأنهار من الدموع، وبراكين من الآلام والأحزان، غارت في صدور الضحايا وأهاليهم وأقاربهم وأصدقائهم وأحبتهم . . ! منذ أن جاءت الإنقاذ، أو الأصح ، منذ أن جاء نظام الإحباط حتى آخر يوم سقط فيه غير مأسوفاً عليه، كانت رحلة عذاب والآم ومآسي بلا ضفاف . . ! كل يوم عاشه الشعب السوداني، في ظل النظام السابق، كان خسارة للحاضر والمستقبل، كان خسارة للحقوق والأرواح وفرص الحياة في التطور والتقدم. لم يخلو يوماً من سقوط الضحايا، ولا أحد يقر بالخطأ أو الخطيئة، أو يتحمل المسؤولية، ظلت إنتهاكات حقوق الإنسان، هي اللغة السائدة . . ! كانت فترة مظلمة بمعنى الكلمة، على إمتداد خارطة المليون ميل مربع، التي تقلصت، نتيجة سياسات الإفراط والتفريط من قبل رموز الفساد التي وطنت العتمة والقحط وأشاعت الخراب . . ! حصاد التجربة المؤلمة أثبت أن الأكاذيب عمرها لن تبني وطناً، حتى لو وظٌفت في سبيلها الملايين . . والظلم لن يقود إلى العدل . . والإستبداد لن يحقق الأمن . . والظلام لن يكون بديلاً عن الضوء. . ! ها هي الأيام بحصادها المُر، تكشف خفايا الظلام وتعري أكاذيب الطغيان وأعوانه الذين كانوا ينشرون الأكاذيب في الطرقات والقاعات والندوات والمهرجانات وفي وسائل الإعلام: في الصحف والتلفاز والقنوات الفضائية . . ! كل هذه المؤسسات بطولها وعرضها، وبرغم ما صرف عليها من قبل الطاغية وأعوانه، من ملايين الدولارات إن لم يك مليارات، لم تفلح في وقف مسار الثورة، وإطالة عمر النظام بنجر الأكاذيب . . ! التي إكتشفها الشعب في فقره وجوعه وبؤسه ومعاناته . . ! وأماله تحولت إلى آلام، وأحلامه إلى سراب. إكتشف الشعب السوداني بعد ثلاثة عقود، أن النظام وحاشيته من الإنتهازيين ما هم سوى عقبات أمام بلوغ غاياته وتطلعاته في الحرية والحياة الحرة الكريمة. لذلك خرج للشوارع كافراً بالأكاذيب ومروجيها الذين سوقوا له الشعارات الخاوية من المضامين. . ! شعارات: نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع. الزراعة أصبحت جفافاً، والصناعة، غدت خراباً . . ! لذا، خرج الشعب في مدنه وقراه، باحثاً عن حريته وكرامته، وعن قيم الصدق والمروءة والنزاهة، التي ضاعت خلال ثلاثة عقود حالكة . . ! خرج الشعب متطلعاً لعهد جديد، ورؤى جديدة، مواكبة لروح العصر ومستجيبة لإيقاع الحياة المتغير يوماً بعد آخر، إدراكاً منه أن الحياة تزداد تعقيداً، وتحدياتها تفرض إنفتاحاً وتواصلاً وتفاهماً مع الآخر، للحفاظ على الأمن والسلام الدوليين، والإستفادة من منجزات وقيم العصر الحديث التي تفرض التحلي بقيم الصدق والنزاهة والشفافية وإحترام حقوق الإنسان. لذلك لابد من محاربة الفساد والفقر والفوضى والأكاذيب، حتى تحجز بلادنا في عهد الثورة الواعد، موقعاً متقدماً في الخارطة الدولية، يليق بها في هذا العصر . الطيب الزين
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة