يتهرَّب الناس من مواجهة قضاياهم المصيرية ، وربما ما زالوا ينتظرون معجزة تحقِّقها لهم إرادة الله سبحانه وتعالى علهم يُنقذون مما هم فيه من سوء حال وضبابية مستقبل ، وبالطبع فإن إيماننا بالله كبير وغير مُنقطع في أن يجعل لنا مخرجا من هذا (المطب) الذي وقعنا فيه على حين غره ، ولكن لا يُغيَّر الله ما بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم ، ما بال الإعلام غير المُستلب من قِبل حكومة المؤتمر الوطني وعلى عِلات ما يٌقدِّم لا يلتفِت (بوضوح) إلى قضايا الأغلبية من أبناء هذا الشعب والذين ما زالوا كل يوم يوغلون في مستنقع الفقر والحاجة وإنعدام الحيلة أمام الضروريات ، ولماذ أصبح الناس لا يضِجَّون بالشكوى ولا أقول بالثورة ، وهم يرون صعوبات حياتهم اليومية تتفاقم يوماً بعد يوم ، ويعلمون في ذات الوقت بأن حكومة المؤتمر الوطني لم تصل بعد أجندتها إلى مرحلة الإلتفات إلى ما يعانيه عامة الناس من الذين لم ينتموا إلى الحزب الحاكم ولم يُبدِّلوا هويتهم السياسية ولم ينصاعوا لضغوطات الحياة ليتحوَّلوا إلى مُطبلين أو نفعيين يساندون أصحاب السلطة والنفوذ في تمرير ملفات الفساد والتآمر على المصلحة العامة ، قبل سنوات مضت جابه البسطاء أزمة رفع الدعم عن الوقود وإنعكاسها على معيشتهم بنفس حالة الصمت واللامبالاة التي باتت تسود ، ثم تكرّرت أيضاً إبان إزمة غاز الطعام الذي أهدر كرامة الإنسان السوداني في محطات توزيعه وكذا في الميادين العامة ، ثم إرتفع سعره بعد ذلك إلى ثلاثة أضعاف ولم يبدو على أحد فينا ولو إشارة (تأفُف) أو إمتعاض ، ثم بعدها أزمة الخبز التي تم بعدها رفع سعره بنسبة 100 % ليصبح الرغيف الواحد بجنيه ، ثم هذه الأزمة الحالية لرغيف الخبز والتي نسأل الله أن لا تكون نذيراً بزيادة في سعره والتي حسب العادة لن تقل أيضاً عن الـ 100 % إن حدثت ، والناس على ذات الحال لا تتذمَّر ولا تمتعض ولا تثور ، وحكومة المؤتمر الوطني تعلم أن ثورة الجوع والفقر والقهر لا علاقة لها بالحِراك السياسي ولا الإلتزام الآيدلوجي ولا تأثيرات المعارضة ، وهي حقٌ للناس إذا ظنوا أو تأكَّدوا بأن حكومتهم جُل ما تعمل عليه وتجتهد فيه لا يخرج عن إطار إستمساكها بالبقاء في السلطة والإستمرار في رعاية التدهور والفشل التخطيطي والإداري والفني على كافة المستويات ، والذي أنتج هذا الفقر العام الذي أصاب الدولة والشعب ، يُستثنى من ذلك ثُلة القطط السِمان الذين يُطاردون اليوم ، وهم ليسوا إلا نتاجاً شرعياً وواقعياً لسياسات ومناهج و مخططات وضعها وأشرف على تنفيذها في الواقع الإقتصادي العام الحزب الحاكم نفسه ، هذا الأخير اليوم أصبح اليوم أكثر (الموَّلولين) والمتباكين على ما تم نهبه من خيرات هذا الوطن المعطاء ، وهم لا يعلمون أن الخسائر التي سبَّبها الفساد ليست مادية فقط ، ولينظروا ماذا فعل الفقر والجهل والخوف من الغد المظلم بأخلاقيات المجتمع وموروثاته ، بل ومعتقداته ، على الناس أن تُفصِح عن ما يجول بخاطرها من غبن وإمتعاضٍ وقهر ، فإن كان الإعلام مُستلباً ومُحاصراً ، وكان البرلمان غير قادر على نُصرة وتحقيق مطالب الجماهير ودائم الإنحياز والطاعة للحكومة في قراراتها وتوجهاتها ، فلن يوصل صوتكم غير حناجركم وألسنتكم ، إمتعضوا رحمكم الله وذلك أضعف الإيمان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة