أيام في حياة مولانا..! بقلم عبدالباقي الظافر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 01:23 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-21-2017, 04:30 PM

عبدالباقي الظافر
<aعبدالباقي الظافر
تاريخ التسجيل: 03-30-2015
مجموع المشاركات: 856

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أيام في حياة مولانا..! بقلم عبدالباقي الظافر

    03:30 PM October, 21 2017

    سودانيز اون لاين
    عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر



    وقف مولانا أمام البيت الصغير حائراً.. صدر قرار للتو من الرئيس جعفر نميري بإقالة قاضي محكمة الاستئناف من جميع مناصبه.. بين غمضة عين وانتباهتها أصبح القاضي الوقور بلا عمل.. من أين له بإيجار المنزل الصغير؟ .. كيف سيسيِّر أمر الأسرة الصغيرة؟.. رغم كل ما تراءى له من مصاعب، إلا أن مولانا الطيب محمد الطيب لم يكن نادماً لأنه صدع بكلمة حق أمام سلطان جائر.
    لكن الحياة فصول، بعد جدب والآخر شديد الاخضرار.. كان شريط الذكريات يمضي بسرعة في مخيلة القاضي.. حياة الأسرة بدأت في قرية صغيرة في ريفي مروي، حيث وُلد الطيب في بيت له تاريخ ضارب.. انتقلت الأسرة إلى عطبرة، وتلك الصافرة التي تُنظم الحياة في بلد يصنع فيها القطار حياة بسيطة ولكنها ممتعة.. شبَّ الطيب ليلتحق بوزارة التربية والتعليم بالخرطوم في قسم النشر التربوي.. هنا التقى بالأستاذ دقش والدكتورة بخيتة أمين.. لم يطب المقام للطيب فواصل تعليمه بجامعة القاهرة بالخرطوم .. حينما انتهى من الدراسة اختار القضاء.. في عمله، أصبح مدرسة مميزة في الحزم والعدل.
    نهض الطيب في يومه الأول مع العطالة. قرر أن يفتح مكتب محاماة.. في شهور قليلة صنع اسماً في الخرطوم بحري.. بدأت السماء تمطر حظاً.. اشترى بيتاً في ضاحية كوبر.. ثم توسع في البيت المجاور ليشيد حديقة صغيرة مزدحمة بالأشجار تسمق فيها نخلات ويحرسها كلب ذو شكيمة.. ظل القاضي وفياً لهذا الجوار الشعبي ورفض أن يغادره حتى غادر الفانية ليلة أمس.
    قبل نحو سبع سنوات هبطت الخرطوم من تلقاء نيويورك.. كانت المدينة مشغولة بحكايات أوكامبو وتربّصه بالقيادات الحكومية.. ذهبت مع صديقي رحاب الدين طه لرجل تكتسب شهادته قيمة.. ليس لأنه قاضٍ سابق.. بل لأن ظلم الإنقاذ كان قد حاق به.. كان مولانا يحكي أنه بات اتحادياً وفي ذهنه الأزهري وزروق ونورالدين.. بدا من منزله الذي لا يبعد غير خطوات من أسرة الرجل الذي صنع الانقلاب يحاول صناعة تغيير ديمقراطي.. تم اعتقال القاضي أثناء اجتماع موسع بمنزله.. رغم ذلك كانت شهادته في مناهضة أوكامبو تلتحف بالوطنية وتزدان بشهامة ورجولة السودانيين.
    منذ ذلك التاريخ أصبحتُ ملازماً مجالس القاضي السابق.. في صباح الجمعة يمتلئ بيته بالأصهار والأصدقاء.. كوب من الماء البارد ثم قهوة مصنوعة بحب.. قبل منتصف النهار تبسط الموائد.. كان مولانا يحب لحم الضأن.. إن غاب الثريد يتحرج ويشعر أنه لم يكرم ضيوفه.. يمتد المجلس في مساء كل يوم أمام متجر صديقه أبي الفتح في الأملاك.. هنالك يظهر هرم ثالث.. اللواء محمد عبد الرحيم سعيد.. عشرة نصف قرن من الزمان.. ثم يتسع المجلس كثيراً.. الوزير المثقف السموأل خلف الله.. بعض من الصحفيين تتبين منهم الرزيقي بعمامته المميزة ورحاب الدين بتلك اللحية التي تشبه عصا الكتيابي حيث تنمو على (كيفها) .. أجيال أخر.. ثقافات متعددة.. تكتسب مداخلة مولانا بالصدق حيث لا يميل لاستخدام المساحيق.
    مساء الأربعاء الماضي التقيتُ بوجه مولانا للمرة الأخيرة بمستشفى رويال كير.. لم يكن بتلك البسالة ولا الابتسامة الحاضرة.. شعرتُ للمرة الأولى أنه استسلم للموت.. لم أستطع التحديق في وجهه.. لذت ناحية أبنائه وبناته.. تلك قصة أخرى.. كانوا يبرون والدهم بشكل تلقائي.. كلما شعر مولانا ببعض الألم كان ابنه المأمون يضع القلم في مكتبه بمملكة البحرين ثم يطير إلى الخرطوم.. لا يغادرها إلا بعد أن يحصد ابتسامة الوالد.
    الآن فقدت البلاد رمزاً له فلسفة في الحياة.. مولانا كان صادقاً بشكل مبدئي.. لا يعرف الكذب.. واضحاً لدرجة يختلف الناس في تقييمها.. عطوفاً.. ودوداً يلتف من حوله الصغار والكبار .. في ذات الوقت يتمتع بشخصية ذات حضور طاغٍ.. يحتل حيزاً كبيراً في عقول وقلوب الذين من حوله.
    كانت هذه سطور في حكاية القاضي الطيب محمد الطيب.. اللهم اجعلها في ميزان حسناته واجعل البركة في عقبه.



    assayha























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de